لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ إِنْ شَاءَ قَصَّرَ اهـ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ دَلِيلٌ صَرِيحٌ، وَأَعْلَى مَا فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ عَنْ عُمَرَ مَنْ ضَفَّرَ رَأْسَهُ فَلْيَحْلِقْ، وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَ حَفْصَةَ وَفِيهِ: إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْحَلْقِ إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ حَالِهِ ﷺ أَنَّهُ حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجِّهِ. وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَأَرْدَفَهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِحَدِيثِ حَفْصَةَ فَجَعَلَهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِلتَّرْجَمَةِ، وَقَدْ قُلْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ إِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ فِي التَّرْجَمَةِ، بَلْ إِذَا وُجِدَتْ وَاحِدَةٌ كَفَتْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ حَفْصَةَ فِي: بَابِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ.
١٢٧ - بَاب الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ عِنْدَ الْإِحْلَالِ
١٧٢٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ يَقُولُ: حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّتِهِ.
[الحديث ١٧٢٦ - طرفاه في: ٤٤١٠، ٤٤١١]
١٧٢٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: "اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَالْمُقَصِّرِينَ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي نَافِعٌ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ قَالَ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي نَافِعٌ وَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُقَصِّرِينَ"
١٧٢٨ - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ "قال رسول الله ﷺ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَلِلْمُقَصِّرِينَ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَلِلْمُقَصِّرِينَ قَالَهَا ثَلَاثًا قَالَ وَلِلْمُقَصِّرِينَ"
١٧٢٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: حَلَقَ النَّبِيُّ ﷺ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ.
١٧٣٠ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ﵃ قَالَ: قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِمِشْقَصٍ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ عِنْدَ الْإِحْلَالِ) قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ: أَفْهَمَ الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ لِقَوْلِهِ: عِنْدَ الْإِحْلَالِ، وَمَا يُصْنَعُ عِنْدَ الْإِحْلَالِ وَلَيْسَ هُوَ نَفْسَ التَّحَلُّلِ وَكَأَنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِدُعَائِهِ ﷺ لِفَاعِلِهِ، وَالدُّعَاءُ يُشْعِرُ بِالثَّوَابِ، وَالثَّوَابُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْعِبَادَةِ لَا عَلَى الْمُبَاحَاتِ، وَكَذَلِكَ تَفْضِيلُهُ الْحَلْقَ عَلَى التَّقْصِيرِ يُشْعِرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَاتِ لَا تَتَفَاضَلُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ قَوْلُ الْجُمْهُورِ إِلَّا رِوَايَةً مُضَعَّفَةً عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ، وَقَدْ أَوْهَمَ كَلَامُ ابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ تَفَرَّدَ بِهَا لَكِنْ حُكِيَتْ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَعَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ بَعْدَ بَابَيْنِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ لِابْنِ عُمَرَ ثَلَاثَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute