قُلْتُ: لَيْسَ فِيهَا قَلَقٌ إِلَّا فِي اللَّفْظِ الَّذِي بَعْدَ قَوْلِهِ: فَأَخْطَأَ فَصَارَ ظَاهِرُ التَّرْكِيبِ يُنَافِي الْمَقْصُودَ؛ لِأَنَّ مَنْ أَخْطَأَ خِلَافَ الرَّسُولِ لَا يُذَمُّ، بِخِلَافِ مَنْ أَخْطَأَ وِفَاقَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادُ وَإِنَّمَا ثَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: فَأَخْطَأَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: اجْتَهَدَ، وَقَوْلُهُ: خِلَافَ الرَّسُولِ أَيْ فَقَالَ: خِلَافَ الرَّسُولِ، وَحَذْفُ قَالَ يَقَعُ فِي الْكَلَامِ كَثِيرًا، فَأَيُّ عَجْرَفَةٍ فِي هَذَا؟! وَالشَّارِحُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُوَجِّهَ كَلَامَ الْأَصْلِ مَهْمَا أَمْكَنَ، وَيَغْتِفَرَ الْقَدْرَ الْيَسِيرَ مِنَ الْخَلَلِ تَارَةً وَيَحْمِلَهُ عَلَى النَّاسِخِ تَارَةً وَكُلُّ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ الْإِحْسَانِ الْكَثِيرِ الْبَاهِرِ وَلَا سِيَّمَا مِثْلُ هَذَا الْكِتَابِ، وَوَقَعَ فِي حَاشِيَةِ نُسْخَةِ الدِّمْيَاطِيِّ بِخَطِّهِ الصَّوَابُ فِي التَّرْجَمَةِ فَأَخْطَأَ بِخِلَافِ الرَّسُولِ انْتَهَى. وَلَيْسَ دَعْوَى حَذْفِ الْبَاءِ بِرَافِعٍ لِلْإِشْكَالِ بَلْ إِنْ سَلَكَ طَرِيقَ التَّغْيِيرِ فَلَعَلَّ اللَّامَ مُتَأَخِّرَةٌ، وَيَكُونُ فِي الْأَصْلِ خَالَفَ بَدَلَ خِلَافٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَخِيهِ) هُوَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ، وَلِإِسْمَاعِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْخٌ آخَرُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي آخَرِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَالِكٍ، وَنَزَلَ إِسْمَاعِيلُ فِي هَذَا السَّنَدِ دَرَجَةً، وَسليمان هُوَ ابْنُ بِلَالٍ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى الْجِيمِ، وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّ سُلَيْمَانَ سَقَطَ مِنْ أَصْلِ الْفَرَبْرِيِّ فِيمَا ذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَتَّصِلُ السَّنَدُ إِلَّا بِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِلٍ النَّسَفِيِّ، قَالَ: وَكَذَا لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ ابْنِ السَّكَنِ، وَلَا عِنْدَ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ، قُلْتُ: وَهُوَ ثَابِتٌ عِنْدَنَا فِي النُّسْخَةِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ شُيُوخِهِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، وَكَذَا فِي سَائِرِ النُّسَخِ الَّتِي اتَّصَلَتْ لَنَا عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، فَكَأَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْ نُسْخَةِ أَبِي زَيْدٍ، فَظَنَّ سُقُوطَهَا مِنْ أَصْلِ شَيْخِهِ، وَقَدْ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ، عَنِ الْفَرَبْرِيِّ. وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ السَّكَنِ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ) أَيِ: ابْنِ النَّجَّارِ بَطْنٌ مِنَ الْأَوْسِ، وَاسْمُ هَذَا الْمَبْعُوثِ سَوَادٌ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ ابْنُ غَزِيَّةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الزَّايِ مُشَدَّدًا، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْمَتْنِ فِي الْمَغَازِي، وَفِي هَذَا السِّيَاقِ هُنَا زِيَادَةُ قَوْلِهِ: وَلَكِنْ مِثْلًا بِمِثْلٍ أَوْ بِيعُوا هَذَا إِلَى آخِرِهِ، وَالْمَذْكُورُ هُنَاكَ قَوْلُهُ: وَلَكِنْ بِعْ إِلَى آخِرِهِ، وَمُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ اجْتَهَدَ فِيمَا فَعَلَ فَرَدَّهُ النَّبِيُّ ﷺ، وَنَهَاهُ عَمَّا فَعَلَ وَعَذَرَهُ لِاجْتِهَادِهِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ لَكِنْ فِي نَظِيرِ الْحُكْمِ، فَقَالَ ﷺ: أَوَّهْ، عَيْنَ الرِّبَا لَا تَفْعَلْ.
٢١ - بَاب أَجْرِ الْحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ
٧٣٥٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ.
قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقَالَ: هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ مِثْلَهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ أَجْرِ الْحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ) يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ رَدِّ حُكْمِهِ أَوْ فَتْوَاهُ إِذَا اجْتَهَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute