أَحَدٌ الْحَدِيثَ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ مُحْرِمًا، فَخَشِيَ الصَّحَابَةُ أَنْ يَرْمِيَهُ بَعْضُ سُفَهَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِشَيْءٍ يُؤْذِيهِ، فَكَانُوا حَوْلَهُ يَسْتُرُونَ رَأْسَهُ وَيَحْفَظُونَهُ مِنْ ذَلِكَ. وَفِيهِ جَوَازُ رَفْعِ أَخْبَارِ أَهْلِ الْفَسَادِ إِلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحْرَّمَةِ وَلَا النَّمِيمَةِ.
١٩ - بَاب إِذَا أَحْرَمَ جَاهِلًا وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ
وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ
١٨٤٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ فِيهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ أَوْ نَحْوُهُ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِي: تُحِبُّ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ أَنْ تَرَاهُ؟ فَنَزَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ.
[الحديث ١٨٤٨ - أطرافه في: ٢٢٦٥، ٢٩٧٣، ٤٤١٧، ٦٨٩٣]
١٨٤٨ - وَعَضَّ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ يَعْنِي فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ فَأَبْطَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ.
[الحديث ١٨٤٨ - أطرافه في: ٢٢٦٥، ٢٩٧٣، ٤٤١٧، ٦٨٩٣]
قَوْلُهُ: (بَابٌ: إِذَا أَحْرَمَ جَاهِلًا وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ) أَيْ: هَلْ يَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ أَوْ لَا؟ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ لِأَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ لَا تَصْرِيحَ فِيهِ بِإِسْقَاطِ الْفِدْيَةِ، وَمِنْ ثَمَّ اسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ لِلرَّاجِحِ بِقَوْلِ عَطَاءٍ رَاوِي الْحَدِيثِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْفِدْيَةُ وَاجِبَةً لَمَا خَفِيَتْ عَنْ عَطَاءٍ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ: وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لَبَيَّنَهَا ﷺ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ، وَفَرَّقَ مَالِكٌ - فِيمَنْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ نَاسِيًا - بَيْنَ مَنْ بَادَرَ فَنَزَعَ وَغَسَلَ وَبَيْنَ مَنْ تَمَادَى، وَالشَّافِعِيُّ أَشَدُّ مُوَافَقَةً لِلْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ السَّائِلَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ كَانَ غَيْرَ عَارِفٍ بِالْحُكْمِ وَقَدْ تَمَادَى، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْفِدْيَةِ، وَقَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ احْتِيَاطٌ، وَأَمَّا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ وَالْمُزَنِيِّ مُخَالِفٌ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَأَجَابَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ بِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ الرَّجُلُ فِي الْجُبَّةِ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْحُكْمِ، وَلِهَذَا انْتَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ الْوَحْيَ. قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ التَّكْلِيفَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ قَبْلَ نُزُولِ الْحُكْمِ فَلِهَذَا لَمْ يُؤْمَرِ الرَّجُلُ بِفِدْيَةٍ عَمَّا مَضَى، بِخِلَافِ مَنْ لَبِسَ الْآنَ جَاهِلًا فَإِنَّهُ جَهِلَ حُكْمًا اسْتَقَرَّ وَقَصَّرَ فِي عِلْمِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا بِهِ، وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ تَعَلُّمِهِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَطَاءٌ. . . إِلَخْ) ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْأَوْسَطِ وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَأَمَّا حَدِيثُ يَعْلَى فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ غَسْلِ الْخَلُوقِ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ.
قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ (صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ هَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَالصَّوَابُ مَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ فَتَصَحَّفَتْ عَنْ فَصَارَتِ ابْنُ وَأَبِيهِ فَصَارَتْ أُمَيَّةَ، أَوْ سَقَطَ مِنَ السَّنَدِ عَنْ أَبِيهِ، وَلَيْسَتْ لِصَفْوَانَ صُحْبَةٌ وَلَا رِوَايَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَعَضَّ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ) هَذَا حَدِيثٌ آخَرُ وَسَيَأْتِي مَبْسُوطًا مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي أَبْوَابِ الدِّيَةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٢٠ - بَاب الْمُحْرِمِ يَمُوتُ بِعَرَفَةَ وَلَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ بَقِيَّةُ الْحَجِّ
١٨٤٩ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ