للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْجِنْسُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ وَالْمُعَاهَدَ وَالْمُرْتَدَّ فِي هَذَا الْحُكْمِ سَوَاءٌ، فَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي الْأَخِ مِنَ النَّسَبِ وَمِنَ الرَّضَاعِ وَفِي الدِّينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصُ الْأُخُوَّةِ بِالذِّكْرِ مِنْ بَابِ التَّهْيِيجِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ بِحَقِّ أَخِيهِ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ الْخَبَرِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: فَلَا يَأْخُذْهُ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ الْخَبَرِ، وَهَذَا اللَّفْظُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْكِ الْحِيَلِ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ قَضَاءَ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا وَلَا يُحَرِّمُ حَلَالًا) هَذَا الْكَلَامُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْأُمَّةَ، إِنَّمَا كُلِّفُوا الْقَضَاءَ عَلَى الظَّاهِرِ وَفِيهِ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي لَا يُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا يُحِلُّ حَرَامًا.

قَوْلُهُ: (عَنْ صَالِحٍ) هُوَ ابْنُ كَيْسَانَ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ.

قَوْلُهُ (سَمِعَ خُصُومَةً) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ جَلَبَةَ خِصَامٍ وَالْجَلَبَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَاللَّامِ: اخْتِلَاطُ الْأَصْوَاتِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عِنْدَ مُسْلِمٍ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ، وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُثَنَّى مُذَكَّرًا وَمُؤَنَّثًا، وَيَجُوزُ جَمْعُهُ وَتَثْنِيَتُهُ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبَابِ خُصُومٌ وَكَمَا فِي قَوْلِخهِ تَعَالَى: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ﴾ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامٍ لَجَبَةَ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْجِيمِ، وَهِيَ لُغَةٌ فِيهَا، فَأَمَّا الْخُصُومُ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِمْ، وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُمَا كَانَا اثْنَيْنِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَلَفْظُهُ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ. وَأَمَّا الْخُصُومَةُ فَبَيَّنَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ أَنَّهَا كَانَتْ فِي مَوَارِيثَ لَهُمَا وَفِي لَفْظٍ عِنْدَهُ فِي مَوَارِيثَ وَأَشْيَاءَ قَدْ دَرَسَتْ.

قَوْلُهُ (بِبَابِ حُجْرَتِهِ) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، وَيُونُسَ عِنْدَ مُسْلِمٍ عِنْدَ بَابِهِ وَالْحُجْرَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ مَنْزِلُ أُمِّ سَلَمَةَ، وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ بِبَابِ أُمِّ سَلَمَةَ.

قَوْلُهُ: (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ) الْبَشَرُ الْخَلْقُ، يُطْلَقُ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَالْوَاحِدِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ مِنْهُمْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مُشَارِكٌ لِلْبَشَرِ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهِمْ بِالْمَزَايَا الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، وَالْحَصْرُ هُنَا مَجَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْعِلْمِ الْبَاطِنِ وَيُسَمَّى قَصْرَ قَلْبٍ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ رَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَنْ كَانَ رَسُولًا فَإِنَّهُ يَعْلَمُ كُلَّ غَيْبٍ، حَتَّى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ الْمَظْلُومُ.

قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ) فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي تَرْكِ الْحِيَلِ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَمِثْلُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ أَلْحَنَ فِي تَرْكِ الْحِيَلِ.

قَوْلُهُ: (فَأَحْسَبُ أَنَّهُ صَادِقٌ) هَذَا يُؤْذِنُ أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ كَاذِبٌ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَأَظُنُّهُ صَادِقًا.

قَوْلُهُ: (فَأَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ فَأَقْضِي لَهُ عَلَيْهِ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ: إِنِّي إِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِرَأْيِي فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ) فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، وَمَعْمَرٍ: فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ وَفِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ: فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْئًا وَكَأَنَّهُ ضَمَّنَ قَضَيْتُ مَعْنَى أَعْطَيْتُ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ: فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْهُ. وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ: فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِقَضِيَّةٍ أَرَاهَا يُقْطَعُ بِهَا قِطْعَةٌ ظُلْمًا فَإِنَّمَا يُقْطَعُ لَهُ بِهَا قِطْعَةٌ مِنْ نَارٍ إِسْطَامًا يَأْتِي بِهَا فِي عُنُقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَالْإِسْطَامُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ قِطْعَةٌ فَكَأَنَّهَا لِلتَّأْكِيدِ.

قَوْلُهُ (فَإِنَّمَا هِيَ) الضَّمِيرُ لِلْحَالَةِ أَوِ الْقِصَّةِ.

قَوْلُهُ (قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ) أَيْ الَّذِي قَضَيْتُ لَهُ بِهِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ إِذَا كَانَ فِي الْبَاطِنِ لَا يَسْتَحِقُّهُ فَهُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ يَئُولُ بِهِ إِلَى النَّارِ، وَقَوْلُهُ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، تَمْثِيلٌ يُفْهَمُ مِنْهُ شِدَّةُ التَّعْذِيبِ عَلَى مَنْ يَتَعَاطَاهُ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾

قَوْلُهُ (فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا) فِي رِوَايَةِ يُونُسَ فَلْيَحْمِلْهَا