للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلِهِ: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ قَالَ: عَلَى تَنَقُّصٍ. وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ فِيهِ مَجْهُولٌ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يُجَبْ. فَقَالَ عُمَرُ: مَا رَأَى إِلَّا أَنَّهُ عَلَى مَا يُنْتَقَصُونَ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ، قَالَ فَخَرَجَ رَجُلٌ فَلَقِيَ أَعْرَابِيًّا فَقَالَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ قَالَ تَخَوَّفْتُهُ - أَيْ تَنَقَّصْتُهُ - فَرَجَعَ فَأَخْبَرَ عُمَرُ، فَأَعْجَبَهُ وَفِي شِعْرِ أَبِي كَثِيرٍ الْهُذَلِيِّ مَا يَشْهَدُ لَهُ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ قَالَ: عَلَى تَنَقُّصٍ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَقِيلَ التَّخَوُّفُ تَفَعُّلٌ مِنَ الْخَوْفِ.

قَوْلُهُ: (تُرِيحُونَ بِالْعَشِيِّ وَتَسْرَحُونَ بِالْغَدَاةِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ﴾ أَيْ بِالْعَشِيِّ، ﴿وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ أَيْ بِالْغَدَاةِ.

قَوْلُهُ: ﴿الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً﴾ هِيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، وَكَذَلِكَ النَّعَمُ الْأَنْعَامُ جَمَاعَةُ النَّعَمِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ فَذَكَّرَ وَأَنَّثَ، فَقِيلَ الْأَنْعَامُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، وَقِيلَ الْمَعْنَى عَلَى النَّعَمِ فَهِيَ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، وَالْعَرَبُ تُظْهِرُ الشَّيْءَ ثُمَّ تُخْبِرُ عَنْهُ بِمَا هُوَ مِنْهُ بِسَبَبٍ وَإِنْ لَمْ يُظْهِرْهُ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

قَبَائِلُنَا سَبْعٌ وَأَنْتُمْ ثَلَاثَةٌ … وَلَلسَّبْعُ أَوْلَى مِنْ ثَلَاثٍ وَأَطْيَبُ

أَيْ ثَلَاثَةٍ أَحْيَاءٍ، ثُمَّ قَالَ مِنْ ثَلَاثٍ أَيْ قَبَائِلَ انْتَهَى. وَأَنْكَرَ الْفَرَّاءُ تَأْنِيثَ النَّعَمِ وَقَالَ: إِنَّمَا يُقَالُ: هَذَا نَعَمٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى نُعْمَانَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِثْلُ حَمَلٍ وَحَمَلَانِ.

قَوْلُهُ: (أَكْنَانًا وَاحِدُهَا كِنُّ، مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ) هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَكْنَانًا﴾ قَالَ: غِيرَانًا مِنَ الْجِبَالِ يُسْكَنُ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (بِشِقٍّ يَعْنِي الْمَشَقَّةُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ﴾ أَيْ بِمَشَقَّةِ الْأَنْفُسُ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ﴾ قَالَ: الْمَشَقَّةُ عَلَيْكُمْ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ عَنْ قَتَادَةَ ﴿إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ﴾ إِلَّا بِجَهْدِ الْأَنْفُسِ. (تَنْبِيهٌ): قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِ الشِّينِ مِنْ شِقِّ، وَقَرَأَهَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْقَعْقَاعِ بِفَتْحِهَا، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُمَا بِمَعْنًى، وَأَنْشَدَ:

وَذُو إِبِلٍ تَسْعَى وَيَحْبِسُهَا لَهُ … أَخُو نَصَبٍ مِنْ شِقِّهَا وَذَءُوبٍ

قَالَ الْأَثْرَمُ صَاحِبُ أَبِي عُبَيْدَةَ: سَمِعْتُهُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ، فَبِالْكَسْرِ مَعْنَاهُ ذَابَتْ حَتَّى صَارَتْ عَلَى نِصْفِ مَا كَانَتْ وَبِالْفَتْحِ الْمَشَقَّةُ انْتَهَى. وَكَلَامُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ يُسَاعِدُ الْأَوَّلَ.

قَوْلُهُ: (سَرَابِيلُ قُمُصٌ تَقِيكُمُ الْحَرَّ، وَأَمَّا سَرَابِيلُ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ فَإِنَّهَا الدُّرُوعٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ أَيْ قُمُصًا ﴿وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ﴾ أَيْ دُرُوعًا. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ قَالَ الْقُطْنُ وَالْكَتَّانُ ﴿وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ﴾ قَالَ: دُرُوعٌ مِنْ حَدِيدٍ.

قَوْلُهُ: (دَخَلًا بَيْنَكُمْ، كُلُّ شَيْءٍ لَمْ يَصِحَّ فَهُوَ دَخَلٌ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ (دَخَلًا) خِيَانَةً، وَقِيلَ الدَّخَلُ الدَّاخِلُ فِي الشَّيْءِ لَيْسَ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَفَدَةُ مِنْ وَلَدِ الرَّجُلِ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾ قَالَ: الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنْهُ قَالَ: هُمْ بَنُو امْرَأَةِ الرَّجُلِ. وَفِيهِ عَنْهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْحَفَدَةُ وَالْأَصْهَارُ. وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْأَخْتَانِ. وَأُخْرِجَ هَذَا الْأَخِيرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الضُّحَى، وَإِبْرَاهِيمَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمْ مِثْلِهِ، وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ حَدِيثَ