الطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مَوْقُوفًا قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ قَمَصَتْ، قَالَ فَأَرْسَى اللَّهُ فِيهَا الْجِبَالَ، وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعٍ.
قَوْلُهُ: ﴿مُفْرَطُونَ﴾ مَنْسِيُّونَ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾ قَالَ: مَنْسِيُّونَ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مُفْرَطُونَ أَيْ مَتْرُوكُونَ فِي النَّارِ مَنْسِيُّونَ فِيهَا. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مُعَجَّلُونَ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: ذَهَبَ قَتَادَةُ إِلَى أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَفْرَطْنَا فُلَانًا إِذَا قَدَّمُوهُ فَهُوَ مُفْرَطٌ وَمِنْهُ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ قُلْتُ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَقَرَأَهَا نَافِعٌ بِكَسْرِهَا وَهُوَ مِنَ الْإِفْرَاطِ، وَقَرَأَهَا أَبُو جَعْفَرِ بْنِ الْقَعْقَاعِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَكْسُورَةٍ أَيْ مُقَصِّرُونَ فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ مُبَالِغُونَ فِي الْإِسَاءَةِ.
قَوْلُهُ: (فِي ضَيْقٍ يُقَالُ أَمْرٌ ضَيْقٌ وَأَمْرٌ ضَيِّقٌ مِثْلُ هَيْنٌ وَهَيِّنٌ وَلَيْنٌ وَلَيِّنٌ وَمَيْتٌ وَمَيِّتٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ﴾ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ ضَيْقٍ كَمَيْتٍ وَهَيْنٍ وَلَيْنٍ فَإِذَا خَفَّفْتُهَا قُلْتُ مَيْتٌ وَهَيْنٌ وَلَيْنٌ فَإِذَا كَسَرْتَ أَوَّلِهِ فَهُوَ مَصْدَرُ ضَيَّقَ انْتَهَى. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ هُنَا وَفِي النَّمْلِ بِالْكَسْرِ وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ، فَقِيلَ عَلَى لُغَتَيْنِ، وَقِيلَ الْمَفْتُوحُ مُخَفَّفٌ مِنْ ضَيْقٍ أَيْ فِي أَمْرِ ضَيِّقٍ. وَاعْتَرَضَهُ الْفَارِسِيُّ بِأَنَّ الصِّفَةَ غَيْرُ خَاصَّةٍ بِالْمَوْصُوفِ فَلَا يُدَّعَى الْحَذْفُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَتَفَيَّأُ ظِلَالَهُ تَتَهَيَّأُ) كَذَا فِيهِ وَالصَّوَابُ تَتَمَيَّلُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: ﴿سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا﴾ لَا يَتَوَعَّرُ عَلَيْهَا مَكَانٌ سَلَكْتُهُ) رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلِهِ، وَيَتَوَعَّرُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَذُلُلًا حَالٌ فِي السُّبُلِ أَيْ ذَلَّلَهَا اللَّهُ لَهَا، وَهُوَ جَمْعُ ذَلُولٍ قَالَ تَعَالَى ﴿جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا﴾ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (ذُلُلًا) أَيْ مُطِيعَةٌ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ ذُلُلًا حَالٌ مِنْ فَاعِلِ اسْلُكِي، وَانْتِصَابُ سُبُلٍ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ.
قَوْلُهُ: (الْقَانِتُ الْمُطِيعُ) سَيَأْتِي فِي آخِرِ السُّورَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ) الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَإِنَّ هَذَا كَلَامُهُ بِعَيْنِهِ، وَقَرَّرَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ إِذَا وَصَلَهُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، وَالتَّقْدِيرُ فَإِذَا أَخَذْتُ فِي الْقِرَاءَةِ فَاسْتَعِذْ، وَقِيلَ هُوَ عَلَى أَصْلِهِ لَكِنْ فِيهِ إِضْمَار، أَيْ إِذَا أَرَدْتَ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُوجَدُ عِنْدَ الْقَصْدِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ، وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ ابْنُ سِيرِينَ، وَنُقِلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ مَالِكٍ وَهُوَ مَذْهَبُ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ فَكَانُوا يَسْتَعِيذُونَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَمَعْنَاهَا) أَيْ مَعْنَى الِاسْتِعَاذَةِ (الِاعْتِصَامُ بِاللَّهِ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تُسِيمُونَ تَرْعَوْنَ) رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ قَالَ: تَرْعَوْنَ فِيهِ أَنْعَامَكُمْ، وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تُسِيمُونَ أَيْ تَرْعَوْنَ، وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ، أَسَمْتُ الْإِبِلَ رَعَيْتُهَا، وَسَامَتْ هِيَ رَعَتْ.
قَوْلُهُ: (شَاكِلَتُهُ نَاحِيَتُهُ) كَذَا وَقَعَ هُنَا وَإِنَّمَا هُوَ فِي السُّورَةِ الَّتِي تَلِيهَا، وَقَدْ أَعَادَهُ فِيهَا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْحَمَوِيِّ نِيَّتُهُ بَدَلَ نَاحِيَتُهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا هُنَاكَ.
قَوْلُهُ: (قَصْدُ السَّبِيلِ الْبَيَانُ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ قَالَ: الْبَيَانُ. وَمِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلِهِ وَزَادَ: الْبَيَانُ بَيَانُ الضَّلَالَةِ وَالْهُدَى.
قَوْلُهُ: (الدِّفْءُ مَا اسْتَدْفَأْتُ بِهِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الدِّفْءُ مَا اسْتَدْفَأْتُ بِهِ مِنْ أَوْبَارِهَا وَمَنَافِعٌ مَا سِوَى ذَلِكَ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ قَالَ: الثِّيَابُ. وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ: لِبَاسٌ يُنْسَجُ. وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ مِثْلَهُ.
قَوْلُهُ: (تَخَوُّفُ تَنَقُّصُ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجيْحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي