للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِحَجَرٍ فَأَصَابَ رَأْسَهَا فَسَقَطَتْ عَلَى حَجَرٍ آخَرَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: عَلَى أَوْضَاحٍ فَمَعْنَاهُ بِسَبَبِ أَوْضَاحٍ، وَهِيَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ وَضَحٍ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هِيَ حُلِيُّ الْفِضَّةِ، وَنَقَلَ عِيَاضٌ أَنَّهَا حُلِيٌّ مِنْ حِجَارَةٍ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ حِجَارَةَ الْفِضَّةِ احْتِرَازًا مِنَ الْفِضَّةِ الْمَضْرُوبَةِ أَوِ الْمَنْقُوشَةِ.

قَوْلُهُ: (فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا أَفُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ)؟ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَشْخَاصِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هَمَّامٍ: أَفُلَانٌ أَفُلَانٌ بِالتَّكْرَارِ بِغَيْرِ وَاوِ عَطْفٍ، وَجَاءَ بَيَانُ الَّذِي خَاطَبَهَا بِذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ بِلَفْظِ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ فُلَانٌ قَتَلَكِ وَبَيْنَ فِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ: فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَهَا مَنْ قَتَلَكِ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى سَمَّى الْيَهُودِيَّ) زَادَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي الْأَشْخَاصِ وَالْوَصَايَا: فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِي هَذَا بَيَانُ الْإِيمَاءِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهُ كَانَ تَارَةً دَالًّا عَلَى النَّفْيِ وَتَارَةً دَالًّا عَلَى الْإِثْبَاتِ بِلَفْظِ: فُلَانٌ قَتَلَكِ؟ فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَأَعَادَ فَقَالَ: فُلَانٌ قَتَلَكِ؟ فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَقَالَ لَهَا فِي الثَّالِثَةِ: فُلَانٌ قَتَلَكِ؟ فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ فُلَانًا الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ، وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الطَّلَاقِ وَكَذَا الْآتِيَةُ بَعْدَ بَابَيْنِ: فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا، قَالَ: فَفُلَانٌ؟ لِرَجُلٍ آخَرَ يَعْنِي عَنْ - رَجُلٍ آخَرَ - فَأَشَارَتْ أَنْ لَا. قَالَ: فَفُلَانٌ قَاتِلُهَا فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَقَرَّ) فِي الْوَصَايَا: فَجِيءَ بِهِ يَعْتَرِفُ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى اعْتَرَفَ، قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَاعْتَرَفَ وَلَا. فَأَقَرَّ إِلَّا هَمَّامَ بْنَ يَحْيَى، قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى أَهْلِ الْجِنَايَاتِ ثُمَّ يَتَلَطَّفَ بِهِمْ حَتَّى يُقِرُّوا لِيُؤْخَذُوا بِإِقْرَارِهِمْ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا جَاءُوا تَائِبِينَ فَإِنَّهُ يُعْرِضُ عَمَّنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ إِذَا أَقَرَّ، وَسِيَاقُ الْقِصَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْيَهُودِيَّ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِنَّمَا أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ، وَفِيهِ أَنَّهُ تَجِبُ الْمُطَالَبَةُ بِالدَّمِ بِمُجَرَّدِ الشَّكْوَى وَبِالْإِشَارَةِ، قَالَ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ وَصِيَّةِ غَيْرِ الْبَالِغِ وَدَعْوَاهُ بِالدَّيْنِ وَالدَّمِ.

قُلْتُ: فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَوْنُ الْجَارِيَةِ دُونَ الْبُلُوغِ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: فِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الْقِصَاصَ بِغَيْرِ السَّيْفِ، وَقَتْلَ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ.

قُلْتُ: وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِمَا فِي بَابَيْنِ مُفْرَدَيْنِ قَالَ: وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّدْمِيَةِ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُعْتَبَرْ لَمْ يَكُنْ لِسُؤَالِ الْجَارِيَةِ فَائِدَةٌ، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ اعْتِبَارُهُ مُجَرَّدًا لِأَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا إنَّهُ يُفِيدُ الْقَسَامَةَ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى ثُبُوتِ قَتْلِ الْمُتَّهَمِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْمَجْرُوحِ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْيَهُودِيَّ اعْتَرَفَ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، وَنَازَعَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالَ: لَمْ يَقُلْ مَالِكٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِهِ بِثُبُوتِ الْقَتْلِ عَلَى الْمُتَّهَمِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْمَجْرُوحِ، وَإِنَّمَا قَالُوا: إِنَّ قَوْلَ الْمُحْتَضَرِ عِنْدَ مَوْتِهِ فُلَانٌ قَتَلَنِي لَوْثٌ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ فَيُقْسِمُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مِنْ عَصَبَتِهِ بِشَرْطِ الذُّكُورِيَّةِ، وَقَدْ وَافَقَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ الْجُمْهُورَ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالتَّدْمِيَةِ أَنَّ دَعْوَى مَنْ وَصَلَ إِلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَهِيَ وَقْتُ إِخْلَاصِهِ وَتَوْبَتِهِ عِنْدَ مُعَايَنَةِ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، قَالُوا وَهِيَ أَقْوَى مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ الْوَلِيَّ يُقْسِمُ إِذَا وَجَدَ قُرْبَ وَلِيِّهِ الْمَقْتُولِ رَجُلًا مَعَهُ سِكِّينٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ غَيْرَ مَنْ مَعَهُ السِّكِّينُ.

قَوْلُهُ: (فَرَضَّ رَأْسَهُ بِالْحِجَارَةِ) أَيْ دَقَّ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَشْخَاصِ: فَرَضَخَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، وَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ حِبَّانَ أَنَّ هَمَّامًا قَالَ كُلًّا مِنَ اللَّفْظَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الَّتِي تَلِيهَا: فَقَتَلَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، وَمَضَى فِي الطَّلَاقِ بِلَفْظِ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْأَشْخَاصِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: فَقُتِلَ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قَالَ عِيَاضٌ: رَضْخُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ وَرَمْيُهُ بِالْحِجَارَةِ وَرَجْمُهُ بِهَا بِمَعْنًى، وَالْجَامِعُ أَنَّهُ