أُبَيٍّ) هُوَ ابْنُ سَلُولٍ رَأْسُ النِّفَاقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ خَبَرُهُ فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةٌ.
قَوْلُهُ: (يَقُولُ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ) هُوَ كَلَامُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَلَمْ يَقْصِدِ الرَّاوِي بِسِيَاقِهِ التِّلَاوَةَ، وَغَلِطَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَقَالَ: هَذَا وَقَعَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَيْسَ فِي الْمَصَاحِفِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا فَيَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْبَيَانِ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ.
قُلْتُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ قَالَهَا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْقُرْآنُ بِحِكَايَةِ جَمِيعِ كَلَامِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَئِنْ رَجَعْنَا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ: وَلَوْ رَجَعْنَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَبَعْدَ الْوَاوِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ، وَوَقَعَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ: وَقَالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قُلْتُهُ. وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ زَيْدٍ بَعْدَ بَابِ: وَقَالَ أَيْضًا: لَئِنْ رَجَعْنَا، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ جَابِرٍ سَبَبُ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي أَوْ لِعُمَرَ) كَذَا بِالشَّكِّ، وَفِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ الْآتِيَةِ لِعَمِّي بِلَا شَكٍّ، وَكَذَا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعْدٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ زَيْدٍ، وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَمِّهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَلَيْسَ عَمَّهُ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ سَيِّدُ قَوْمِهِ الْخَزْرَجِ، وَعَمُّ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ الْحَقِيقِيُّ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ لَهُ صُحْبَةٌ، وَعَمُّهُ زَوْجُ أُمِّهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ خَزْرَجِيٌّ أَيْضًا. وَوَقَعَ فِي مَغَازِي أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَعَ لِأَوْسِ بْنِ أَرْقَمَ فَذَكَرَهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَبَبُ الشَّكِّ فِي ذِكْرِ عُمَرَ، وَجَزَمَ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَهْمٌ، وَالصَّوَابُ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ.
قُلْتُ: وَلَا يَمْتَنِعُ تَعَدُّدُ الْمُخْبِرِ بِذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، إِلَّا أَنَّ الْقِصَّةَ مَشْهُورَةٌ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَسَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَرِيبًا مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ؛ أَيْ ذَكَرَهُ عَمِّي، وَكَذَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ زَيْدٍ: فَأَخْبَرْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ وَكَذَا فِي مُرْسَلِ قَتَادَةَ، فَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ الْإِخْبَارَ مَجَازًا، لَكِنْ فِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَعَلَّكَ أَخْطَأَ سَمْعُكَ، لَعَلَّكَ شُبِّهَ عَلَيْكَ، فَعَلَى هَذَا لَعَلَّهُ رَاسَلَ بِذَلِكَ أَوَّلًا عَلَى لِسَانِ عَمِّهِ ثُمَّ حَضَرَ هُوَ فَأَخْبَرَ.
قَوْلُهُ: (فَحَلَفُوا مَا قَالُوا) فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: فَأَجْهَدَ يَمِينَهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَجُمِعَ بِاعْتِبَارِ مَنْ مَعَهُ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: فَبَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَسَأَلَهُ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا.
قَوْلُهُ: (فَكَذَّبَنِي) بِالتَّشْدِيدِ، فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: فَقَالُوا: كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهَذَا بِالتَّخْفِيفِ، وَرَسُولَ اللَّهِ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ فِي قِصَّةِ هِرَقْلَ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ زَيْدٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ: فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: أَتَى زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالْكَذِبِ.
قَوْلُهُ: (وَصَدَّقَهُ) وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا: فَصَدَّقَهُمْ، وَقَدْ مَضَى تَوْجِيهُهَا.
قَوْلُهُ: (فَأَصَابَنِي هَمٌّ) فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي شِدَّةٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعْدٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ زَيْدٍ: فَوَقَعَ عَلَيَّ من الهم ما لم يقع على أحد، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: فَرَجَعْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ فَنِمْتُ زَادَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: فَنِمْتُ كَئِيبًا حَزِينًا، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: حَتَّى جَلَسْتُ فِي الْبَيْتِ مَخَافَةَ إِذَا رَآنِي النَّاسُ أَنْ يَقُولُوا كَذَبْتَ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ لِي عَمِّي: مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، عَنِ الْجُرْجَانِيِّ: فَقَالَ لِي عُمَرُ. قَالَ الْجَيَّانِيُّ: وَالصَّوَابُ عَمِّي كَمَا عِنْدَ الْجَمَاعَةِ، انْتَهَى. وَقَدْ ذَكَرْتُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا يَقْتَضِي احْتِمَالَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَمَقَتَكَ) فِي رِوَايَةٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: فَلَامَنِي الْأَنْصَارُ، وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِهِ: وَلَامَنِي قَوْمِي.
قَوْلُهُ: (فَأَنْزَلَ اللَّهُ) فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؛ أَيْ بِالْوَحْيِ، وَفِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ: فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ أَبْصَرُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُوحَى إِلَيْهِ فَنَزَلَتْ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعْدٍ قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَدْ خَفَقْتُ بِرَأْسِي مِنَ الْهَمِّ أَتَانِي فَعَرَكَ بِأُذُنِي