للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَخْدُمُهُ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ رَاجِعًا وَبَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ: هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا كَتَحْرِيمِ إِبْرَاهِيمَ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا.

٢٨٩٠ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ أَكْثَرُنَا ظِلًّا الَّذِي يَسْتَظِلُّ بِكِسَائِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ صَامُوا فَلَمْ يَعْمَلُوا شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِينَ أَفْطَرُوا فَبَعَثُوا الرِّكَابَ وَامْتَهَنُوا وَعَالَجُوا فَقَالَ النَّبِيُّ : ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ) أَيْ فَضْلِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ صَغِيرٍ لِكَبِيرٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ مَعَ الْمُسَاوَاةِ، وَأَحَادِيثُ الْبَابِ الثَّلَاثَةِ يُؤْخَذُ مِنْهَا حُكْمُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ، وَثَلَاثَتُهَا عَنْ أَنَسٍ.

الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ) بِمُهْمِلَتَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ فِي: الْأَوْسَطِ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ شُعْبَةَ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخٍ الْبُخَارِيِّ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ الْبَاقُونَ بِوَاسِطَةٍ.

قَوْلُهُ: (صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلَيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ خَرَجَ مَعَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ فِي سَفَرٍ.

قَوْلُهُ: (فَكَانَ يَخْدُمُنِي وَهُوَ أَكْبَرُ مَنْ أَنِسٍ) فِيهِ الْتِفَاتٌ أَوْ تَجْرِيدٌ، لِأَنَّهُ قَالَ: مِنْ أَنِسٍ، وَلَمْ يَقُلْ مِنِّي، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ عَرْعَرَةَ، وَكَانَ جَرِيرٌ أَكْبَرَ مِنْ أَنَسٍ وَلَعَلَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ قَوْلِ ثَابِتٍ، وَزَادَ مُسْلِمٌ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ فَقُلْتُ: لَا تَفْعَلْ.

قَوْلُهُ: (يَصْنَعُونَ شَيْئًا) فِي رِوَايَةِ نَصْرٍ: يَصْنَعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ شَيْئًا، أَيْ مِنَ التَّعْظِيمِ وَأَبْهَمَ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي تَكْثِيرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (لَا أَجِدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا أَكْرَمْتُهُ) فِي رِوَايَةِ نَصْرٍ آلَيْتُ - أَيْ حَلَفْتُ - أَنْ لَا أَصْحَبَ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا خَدَمْتُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَرْعَرَةَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ الْأَنْصَارَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْأَنْصَارِ وَفَضْلُ جَرِيرٍ وَتَوَاضُعُهُ وَمَحَبَّتُهُ لِلنَّبِيِّ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ مَظِنَّتِهَا، وَأَلْيَقُ الْمَوَاضِعِ بِهَا الْمَنَاقِبُ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَنَسٍ أَيْضًا: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى خَيْبَرَ أَخْدُمُهُ وَسَيَأْتِي بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ بَعْدَ بَابَيْنِ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَنَسٍ أَيْضًا، وَعَاصِمٌ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُوَرِّقٌ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ، وَهُمَا تَابِعِيَّانِ فِي نَسَقٍ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَاصِمٍ: فِي سَفَرٍ، فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ، قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ.

قَوْلُهُ: (أَكْثَرُنَا ظِلًّا مَنْ يَسْتَظِلُّ بِكِسَائِهِ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: وَأَكْثَرُنَا ظِلًّا صَاحِبُ الْكِسَاءِ وَزَادَ: وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ.

قَوْلُهُ: (فَأَمَّا الَّذِينَ صَامُوا فَلَمْ يَصْنَعُوا شَيْئًا) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَسَقَطَ الصُّوَّامُ أَيْ عَجَزُوا عَنِ الْعَمَلِ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الَّذِينَ أَفْطَرُوا فَبَعَثُوا الرِّكَابَ) أَيْ أَثَارُوا الْإِبِلَ لِخِدْمَتِهَا وَسَقْيِهَا وَعَلَفِهَا، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: فَضَرَبُوا الْأَخْبِيَةَ وَسَقُوا الرِّكَابَ.

قَوْلُهُ: (بِالْأَجْرِ) أَيِ الْوَافِرِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَقْصَ أَجْرِ الصُّوَّامِ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُفْطِرِينَ حَصَلَ لَهُمْ أَجْرُ عَمَلِهِمْ وَمِثْلُ أَجْرِ الصُّوَّامِ لِتَعَاطِيهِمْ أَشْغَالَهَمْ وَأَشْغَالَ الصُّوَّامِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: بِالْأَجْرِ كُلِّهِ لِوُجُودِ الصِّفَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَحْصِيلِ الْأَجْرِ مِنْهُمْ، قَالَ ابْنُ أَبِي صُفْرَةَ: فِيهِ أَنَّ أَجْرَ الْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ أَعْظَمُ مِنْ أَجْرِ الصِّيَامِ. قُلْتُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ. وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى الْمُعَاوَنَةِ فِي الْجِهَادِ، وَعَلَى أَنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ أَوْلَى مِنَ الصِّيَامِ. وَأَنَّ الصِّيَامَ فِي السَّفَرِ جَائِزٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَنْعَقِدُ. وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ كَوْنِهِ