للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَقَالَ: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ﴾

قَوْلُهُ: (سُورَةُ الْمُؤْمِنِ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) سَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿حم﴾ مَجَازُهَا مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ) وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ اسْمٌ، لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الْعَبْسِيِّ:

يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ … فَهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ

وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ: وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَيُقَالُ إِلَخْ وَهَذَا الْكَلَامُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ فِي مَجَازِ الْقُرْآنِ وَلَفْظُهُ: حم مَجَازُهَا مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ اسْمٌ، وَهُوَ يُطْلِقُ الْمَجَازَ وَيُرِيدُ بِهِ التَّأْوِيلَ أَيْ تَأْوِيلُ حم تَأْوِيلُ أَوَائِلِ السُّوَرِ، أَيْ أَنَّ الْكُلَّ فِي الْحُكْمِ وَاحِدٌ، فَمَهْمَا قِيلَ مَثَلًا فِي الم يُقَالُ مِثْلُهُ فِي حم. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهَا. وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الم وَحم وَ ﴿المص﴾ وَ ﴿ص﴾ فَوَاتِحٌ افْتُتِحَ بِهَا. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: فَوَاتِحُ السُّوَرِ كُلُّهَا ﴿ق﴾ وَ ﴿ص﴾ وَ ﴿طسم﴾ وَغَيْرُهَا هِجَاءٌ مَقْطُوعٌ. وَالْإِسْنَادُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيُقَالُ بَلْ هُوَ اسْمٌ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حم اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: لَعَلَّهُ يُرِيدُ عَلَى قِرَاءَةِ عِيسَى بْنِ عُمَرَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ مِنْ مِيمٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِيسَى فَتَحَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.

قُلْتُ: وَالشَّاهِدُ الَّذِي أَنْشَدَ يُوَافِقُ قِرَاءَةَ عِيسَى. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: الصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ عِنْدَنَا فِي جَمِيعِ حُرُوفِ فَوَاتِحِ السُّوَرِ السُّكُونُ لِأَنَّهَا حُرُوفُ هِجَاءٍ لَا أَسْمَاءُ مُسَمَّيَاتٍ. وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ﴿ص﴾ وَأَشْبَاهُهَا قَسَمٌ، أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا، وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ. وَشُرَيْحُ بْنُ أَبِي أَوْفَى الَّذِي نُسِبَ إِلَيْهِ الْبَيْتُ الْمَذْكُورُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ شُرَيْحُ بْنُ أَبِي أَوْفَى وَهُوَ خَطَأٌ. وَلَفْظُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ اسْمٌ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الْعَبْسِيِّ فَذَكَرَ الْبَيْتَ. وَرَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ الْجُمَلِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ: كَانَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْجَمَلِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا تَقْتُلُوا صَاحِبَ الْعِمَامَةِ السَّوْدَاءِ، فَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ بِرُّهُ بِأَبِيهِ، فَلَقِيَهُ شُرَيْحُ بْنُ أَبِي أَوْفَى فَأَهْوَى لَهُ بِالرُّمْحِ فَتَلَاحَمَ فَقَتَلَهُ. وَحُكِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الشِّعْرَ الْمَذْكُورَ لِلْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ: وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ مُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ. وَذَكَرَ أَبُو مِخْنَفٍ أَنَّهُ لِمُدْلِجِ بْنِ كَعْبٍ السَّعْدِيِّ وَيُقَالُ كَعْبُ بْنُ مُدْلِجٍ، وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّ الَّذِي قَتَلَهُ عِصَامُ بْنُ مُقْشَعِرٍّ، قَالَ الْمَرْزُبَانِيُّ: هُوَ الثَّبْتُ. وَأَنْشَدَ لَهُ الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ وَأَوَّلُهُ:

وَأَشْعَثُ قَوَّامٌ بِآيَاتِ رَبِّهِ … قَلِيلُ الْأَذَى فِيمَا تَرَى الْعَيْنُ مُسْلِمِ

هَتَكْتُ لَهُ بِالرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ … فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ

عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ تَابِعًا … عَلِيًّا وَمَنْ لَا يَتْبَعِ الْحَقَّ يَنْدَمِ

يُذَكِّرُنِي حم الْبَيْتَ. وَيُقَالُ إِنَّ الشِّعْرَ لِشَدَّادِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعَبْسِيِّ، وَيُقَالُ اسْمُهُ حَدِيدٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ حَكَاهُ