للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِهِ لَكِنْ أَحَالَ بِهِ قَالَ: كَرِوَايَةِ يُونُسَ وَكَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ فَذَكَرَهُمَا، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُحَارَبَةِ عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ تَعْلِيقًا.

قَوْلُهُ: (وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ) هُوَ بِالتَّنْوِينِ غَيْرَ مُضَافٍ لِشَيْءٍ.

قَوْلُهُ: (الْقَارِيُّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ نِسْبَةً إِلَى الْقَارَةِ بَطْنٌ مِنْ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ، وَالْقَارَةُ لَقَبٌ وَاسْمُهُ أُثَيْعٌ بِالْمُثَلَّثَةِ مُصَغَّرٌ ابْنُ مُلَيْحٍ بِالتَّصْغِيرِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ ابْنِ الْهُونِ بِضَمِ الْهَاءِ ابْنِ خُزَيْمَةَ. وَقِيلَ بَلِ الْقَارَةُ هُوَ الدِّيشُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ أُثَيْعٍ الْمَذْكُورِ، وَلَيْسَ هُوَ مَنْسُوبًا إِلَى الْقِرَاءَةِ، وَكَانُوا قَدْ حَالَفُوا بَنِي زُهْرَةَ وَسَكَنُوا مَعَهُمْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الصَّحَابَةِ لِكَوْنِهِ أُتِيَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ وَهُوَ صَغِيرٌ، أَخْرَجَ ذَلِكَ الْبَغَوِيُّ فِي مُسْنَدِ الصَّحَابَةِ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ، وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانِينَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْخَاصِ، وَلَهُ عِنْدَهُ حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ عُمَرَ فِي الصِّيَامِ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ) أَيِ ابْنَ حِزَامٍ الْأَسَدِيِّ، لَهُ وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا يَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَانَ لِهِشَامٍ فَضْلٌ، وَمَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ رِوَايَةً. وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ حَدِيثًا وَاحِدًا مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ عَنْهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَأَخَّرَ إِلَى خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اسْتُشْهِدَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: كَانَ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ إِذَا بَلَغَهُ الشَّيْءُ: أَمَّا مَا عِشْتُ أَنَا وَهِشَامٌ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ) كَذَا لِلْجَمِيعِ، وَكَذَا فِي سَائِرِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي الْمَسَانِيدِ وَالْجَوَامِعِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ الْخَطِيبِ فِي الْمُبْهَمَاتِ سُورَةُ الْأَحْزَابِ بَدَلَ الْفُرْقَانِ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنَ النُّسْخَةِ الَّتِي وُقِفَ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الَّذِي فِي كِتَابِ الْخَطِيبِ الْفُرْقَانُ كَمَا فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ: آخُذُ بِرَأْسِهِ، قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ أُوَاثِبُهُ وَهُوَ أَشْبَهُ، قَالَ النَّابِغَةُ:

فَبِتُّ كَأَنِّي سَاوَرَتْنِي ضَئِيلَةٌ … مِنَ الرَّقْشِ فِي أَنْيَابِهَا السُّمُّ نَاقِعٌ

أَيْ: وَاثَبَتْنِي، وَفِي بَانَتْ سُعَادُ:

إِذَا يُسَاوِرُ قِرْنًا لَا يَحِلُّ لَهُ … أَنْ يَتْرُكَ الْقِرْنَ إِلَّا وَهْوَ مَخْذُولٌ

وَوَقَعَ عِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَالْقَابِسِيِّ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَبْوَابِ أُثَاوِرُهُ بِالْمُثَلَّثَةِ عِوَضَ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ عِيَاضٌ: وَالْمَعْرُوفُ الْأَوَّلُ.

قُلْتُ: لَكِنَّ مَعْنَاهَا أَيْضًا صَحِيحٌ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَتَصَبَّرْتُ) فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ أَيْ مِنَ الصَّلَاةِ، لِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: حَتَّى سَلَّمَ.

قَوْلُهُ: (فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى مُشَدَّدَةٌ وَالثَّانِيَةُ سَاكِنَةٌ، أَيْ جَمَعْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ عِنْدَ لَبَّتِهِ لِئَلَّا يَتَفَلَّتَ مِنِّي. وَكَانَ عُمَرُ شَدِيدًا فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عَنِ اجْتِهَادٍ مِنْهُ لِظَنِّهِ أَنَّ هِشَامًا خَالَفَ الصَّوَابَ، وَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ بَلْ قَالَ لَهُ: أَرْسِلْهُ.

قَوْلُهُ: (كَذَبْتَ) فِيهِ إِطْلَاقُ ذَلِكَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، أَوِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: كَذَبْتَ أَيْ: أَخْطَأْتَ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ يُطْلِقُونَ الْكَذِبَ فِي مَوْضِعِ الْخَطَأِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَقْرَأَنِيهَا) هَذَا قَالَهُ عُمَرُ اسْتِدْلَالًا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ تَخْطِئَةِ هِشَامٍ، وَإِنَّمَا سَاغَ لَهُ ذَلِكَ لِرُسُوخِ قَدَمِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَسَابِقَتِهِ، بِخِلَافِ