للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَى الْمُكْرَهَةِ عَلَى الزِّنَا فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ جَارِيَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يُقَالُ لَهَا مُسَيْلِمَةُ وَأُخْرَى يُقَالُ لَهَا أُمَيْمَةُ وَكَانَ يُكْرِهُهُمَا عَلَى الزِّنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾ الْآيَةَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّيْثُ) هُوَ ابْنُ سَعْدٍ (حَدَّثَنِي نَافِعٌ) هُوَ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ أَخْبَرَتْهُ) يَعْنِي الثَّقَفِيَّةَ امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الْإِمَارَةِ) بِكَسْرِ الْأَلِفِ أَيْ مِنْ مَالِ الْخَلِيفَةِ وَهُوَ عُمَرُ.

قَوْلُهُ: (وَقَعَ عَلَى وَلِيدَةٍ مِنَ الْخُمُسِ) أَيْ مِنْ مَالِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْإِمَامِ، وَالْمُرَادُ زَنَى بِهَا.

قَوْلُهُ: (فَاسْتَكْرَهَهَا حَتَّى اقْتَضَّهَا) بِقَافٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَأْخُوذٍ مِنَ الْقِضَّةٍ وَهِيَ عُذْرَةُ الْبِكْرِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا.

قَوْلُهُ: (فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ وَنَفَاهُ) أَيْ جَلَدَهُ خَمْسِينَ جَلْدَةً وَنَفَاهُ نِصْفَ سَنَةٍ، لِأَنَّ حَدَّهُ نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَرَى أَنَّ الرَّقِيقَ يُنْفَى كَالْحُرِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْحُدُودِ.

وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجْلِدِ الْوَلِيدَةَ لِأَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ مُوسَى، عَنِ اللَّيْثِ بِمِثْلِهِ سَوَاءً، وَوَقَعَ لِي عَالِيًا جِدًّا بَيْنِي وَبَيْنَ صَاحِبِ اللَّيْثِ فِيهِ سَبْعَةُ أَنْفُسٍ بِالسَّمَاعِ الْمُتَّصِلِ فِي أَزْيَدَ مِنْ سِتِّمِائَةِ سَنَةٍ، قَرَأْتُهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الدَّقَّاقِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نِعْمَةَ سَمَاعًا أَنْبَأَنَا أَبُو الْمُنَجَّا بْنُ عُمَرَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْوَقْتِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ أَنْبَأَنَا الْبَغَوِيُّ فَذَكَرَهُ، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ عَنْ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ قَالَ: اسْتُكْرِهَتِ امْرَأَةٌ فِي الزِّنَا فَدَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْهَا الْحَدَّ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الْأَمَةِ الْبِكْرِ يَفْتَرِعُهَا) بِفَاءٍ وَبِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ يَقْتَضُّهَا.

قَوْلُهُ: (يُقِيمُ ذَلِكَ) أَيِ الِافْتِرَاعَ (الْحَكَمُ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ الْحَاكِمُ.

قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ ثَمَنِهَا) أَيْ عَلَى الَّذِي اقْتَضَّهَا وَيُجْلَدُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَأْخُذُ مِنَ الْمُفْتَرِعِ دِيَةَ الِافْتِرَاعِ بِنِسْبَةٍ قِيمَتُهَا أَيْ: أَرْشُ النَّقْصِ، وَهُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ كَوْنِهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، وَقَوْلُهُ: يُقِيمُ بِمَعْنَى يُقَوِّمُ وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ: وَيُجْلَدُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ الْعُقْرَ يُغْنِي عَنِ الْجَلْدِ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ فِي الْأَمَةِ الثَّيِّبِ فِي قَضَاءِ الْأَئِمَّةِ غُرْمٌ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ أَيْ غَرَامَةٌ، وَلَكِنْ عَلَيْهَا الْحَدُّ.

ثُمَّ ذَكَرَ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي شَأْنِ إِبْرَاهِيمَ وَسَارَّةَ مَعَ الْجَبَّارِ، وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ.

وقَوْلُهُ هُنَا الظَّالِمُ تَقَدَّمَ هُنَاكَ بِلَفْظِ: الْكَافِرُ وَقَوْلُهُ: غُطَّ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ غُمَّ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ وَقِيلَ خُنِقَ، وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ رُوِيَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَأُخِذَ مِنَ الْعَطْعَطَةِ وَهِيَ حِكَايَةُ صَوْتٍ، وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي تَسْمِيَةِ الْجَبَّارِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَرْيَةِ حَرَّانُ وَقِيلَ الْأُرْدُنُّ وَقِيلَ مِصْرُ، وَقَوْلُهَا إِنْ كُنْتُ لَيْسَ لِلشَّكِّ فَتَقْدِيرُهُ: إِنْ كُنْتُ مَقْبُولَةَ الْإِيمَانِ عِنْدَكَ، وَقَوْلُهُ رَكَضَ أَيْ حَرَّكَ، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: مَا كَانَ يَنْبَغِي إِدْخَالُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَصْلًا، وَلَيْسَ لَهَا مُنَاسَبَةٌ لِلتَّرْجَمَةِ إِلَّا سُقُوطَ الْمَلَامَةِ عَنْهَا فِي الْخَلْوَةِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ مُكْرَهَةً عَلَى ذَلِكَ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّالٍ، وَجْهُ إِدْخَالِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ أَنَّ سَارَّةَ كَانَتْ مَعْصُومَةً مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَنَّهَا لَا مَلَامَةَ عَلَيْهَا فِي الْخَلْوَةِ مُكْرَهَةً فَكَذَا غَيْرُهَا لَوْ زُنِيَ بِهَا مُكْرَهَةً لَا حَدَّ عَلَيْهَا.

(تَكْمِيلٌ):

لَمْ يَذْكُرُوا حُكْمَ إِكْرَاهِ الرَّجُلِ عَلَى الزِّنَا، وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَطَائِفَةٌ: عَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَشِرُ إِلَّا بِلَذَّةٍ، وَسَوَاءٌ أَكْرَهَهُ سُلْطَانٌ أَمْ غَيْرُهُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يُحَدُّ إِنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُ السُّلْطَانِ، وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ، وَاحْتَجَّ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الِانْتِشَارَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالطُّمَأْنِينَةِ وَسُكُونِ النَّفْسِ، وَالْمُكْرَهُ بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ خَائِفٌ، وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ وَبِأَنَّ الْوَطْءَ يُتَصَوَّرُ بِغَيْرِ انْتِشَارٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.