٢٦١٤ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ ﵁ قَالَ: أَهْدَى إِلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ حُلَّةَ سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا، فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي.
[الحديث ٢٦١٤ - طرفاه في: ٥٣٦٦، ٥٨٤٠]
قَوْلُهُ: (بَابُ هَدِيَّةِ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهَا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَمَا يَصْلُحُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ فَأَنَّثَ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْحُلَّةِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ وَبِهِ تَرْجَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَابْنُ بَطَّالٍ، وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّحْرِيمِ وَالتَّنْزِيهِ وَهَدِيَّةُ مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ جَائِزَةٌ، فَإِنَّ لِصَاحِبِهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لِمَنْ يَجُوزُ لِبَاسُهُ كَالنِّسَاءِ. وَيُسْتَفَادُ مِنَ التَّرْجَمَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى مَنْعِ مَا لَا يُسْتَعْمَلُ أَصْلًا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَآنِيَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ. ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَّنِفُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ:
أَحَدُهَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدَ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ، وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ.
ثَانِيهَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَبُو جَعْفَرٍ) جَزَمَ الْكَلَابَاذِيُّ بِأَنَّهُ الْفَيْدِيُّ نِسْبَةً إِلَى فَيْدٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ، بَلَدٌ بَيْنَ بَغْدَادَ وَمَكَّةَ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ سَوَاءً، وَكَانَ نَزَلَهَا فَنُسِبَ إِلَيْهَا. وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ الْقُومِسِيُّ الْحَافِظُ الْمَشْهُورُ فَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا فِي الْمَغَازِي، وَإِنَّمَا جَوَّزْتُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي كُنْيَةِ الْفَيْدِيِّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِخِلَافِ الْقُومِسِيِّ، فَكُنْيَتُهُ أَبُو جَعْفَرٍ بِلَا خِلَافٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ الْكُوفِيُّ وَلَيْسَ لِفُضَيْلٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ.
قَوْلُهُ: (أَتَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا) زَادَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ فُضَيْلٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ قَالَ: وَقَلَّمَا كَانَ يَدْخُلُ إِلَّا بَدَأَ بِهَا.
قَوْلُهُ: (فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ) زَادَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ فَجَاءَ عَلِيٌّ فَرَآهَا مُهْتَمَّةً.
قَوْلُهُ: (فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ فَذَكَرَهُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَاطِمَةَ اشْتَدَّ عَلَيْهَا أَنَّكَ جِئْتَ فَلَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (سِتْرًا مُوشِيًّا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٌ قَالَ ابْنُ التِّينِ: أَصْلُهُ مَوْشيًا فَالْتَقَى حَرْفَا عِلَّةٍ وَسُبِقَ الْأَوَّلُ بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الْأُخْرَى وَكُسِرَتِ الْأُولَى لِأَجْلِ الَّتِي بَعْدَهَا فَصَارَ عَلَى وَزْنِ مَرْضِيٍّ وَمَطْلِيٍّ، وَيَجُوزُ فِيهِ مُوشًى بِوَزْنِ مُوسَى، وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: الْوَشْيُ خَلْطُ لَوْنٍ بِلَوْنٍ، وَمِنْهُ وَشَى الثَّوْبَ إِذَا رَقَّمَهُ وَنَقَشَهُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْمُوشَى الْمُخَطَّطُ بِأَلْوَانٍ شَتَّى.
قَوْلُهُ: (مَا لِي وَلِلدُّنْيَا) زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ مَا لِي وَلِلرَّقْمِ أَيِ الْمَرْقُومِ، وَالرَّقْمُ النَّقْشُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ تُرْسِلِي بِهِ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ تُرْسِلِي بِحَذْفِ النُّونِ وَهِيَ لُغَةٌ أَوْ يُقَدَّرُ أَنْ فَحُذِفَتْ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْأَكْثَرِ تُرْسِلُ بِضَمِّ اللَّامِ بِغَيْرِ يَاءٍ.
قَوْلُهُ: (أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ) بِجَرِّ أَهْلٍ عَلَى الْبَدَلِ وَلَمْ أَعْرِفْهُمْ بَعْدُ وَفِي الْحَدِيثِ كَرَاهَةُ دُخُولِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ مَا يُكْرَهُ. وَأَوْرَدَ ابْنُ حِبَّانَ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثَ سَفِينَةَ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْخُلُ بَيْتًا مُزَوَّقًا وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبَيَانَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ ﷺ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ دُونَ غَيْرِهَا، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إِلَّا إِنْ حَمْلَنَا التَّزْوِيقَ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا يُصْنَعُ فِي نَفْسِ الْجِدَارِ أَوْ يُعَلَّقُ عَلَيْهِ، قَالَ الْمُهَلَّبُ وَغَيْرُهُ: كَرِهَ النَّبِيُّ ﷺ لِابْنَتِهِ مَا كَرِهَ لِنَفْسِهِ مِنْ تَعْجِيلِ الطَّيِّبَاتِ فِي الدُّنْيَا لَا أَنَّ سَتْرَ الْبَابِ حَرَامٌ. وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ لَهَا لَمَّا سَأَلَتْهُ خَادِمًا أَلَا أَدُلُّكِ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَّمَهَا الذِّكْرَ عِنْدَ النَّوْمِ.
ثَالِثُهَا: حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي الْحُلَّةِ وَفِيهِ قَوْلُهُ: فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ،