للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرِّجَالَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ.

قَوْلُهُ: (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (الْمَدِينَةُ تَنْفِي الْخَبَثَ) أَيْ: بِإِخْرَاجِهِ وَإِظْهَارِهِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ جَابِرٍ) وَقَعَ فِي الْأَحْكَامِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا

قَوْلُهُ: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، إِلَّا أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ ذَكَرَ فِي رَبِيعِ الْأَبْرَارِ أَنَّهُ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مَشْهُورٌ، صَرَّحُوا بِأَنَّهُ هَاجَرَ فَوَجَدَ النَّبِيَّ قَدْ مَاتَ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّهُ آخَرُ وَافَقَ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ. وَفِي الذَّيْلِ لِأَبِي مُوسَى فِي الصَّحَابَةِ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ الْمِنْقَرِيُّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ هَذَا.

قَوْلُهُ: (فَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَجَاءَ مِنَ الْغَدِ مَحْمُومًا فَقَالَ أَقِلْنِي) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَأَلَ الْإِقَالَةَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَبِهِ جَزَمَ عِيَاضٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا اسْتَقَالَهُ مِنَ الْهِجْرَةِ وَإِلَّا لَكَانَ قَتَلَهُ عَلَى الرِّدَّةِ، سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (ثَلَاثَ مِرَارٍ) يَتَعَلَّقُ بِأَقِلْنِي، وَيُقَالُ مَعًا (١).

قَوْلُهُ: (تَنْفِي خَبَثَهَا) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ الْمَدِينَةِ.

قَوْلُهُ: (وَتنْصَعُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ وَبِالْمُهْمَلَتَيْنِ مِنَ النُّصُوعِ وَهُوَ الْخُلُوصُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا إِذَا نَفَتِ الْخَبَثَ تَمَيَّزَ الطَّيِّبُ وَاسْتَقَرَّ فِيهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: (طِيِّبُهَا) فَضَبَطَهُ الْأَكْثَرُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالتَّحْتَانِيَّةِ أَوَّلَهُ وَرَفَعَ طَيِّبَهَا عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَطَيِّبُهَا لِلْجَمِيعِ بِالتَّشْدِيدِ، وَضَبَطَهُ الْقَزَّازُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالتَّخْفِيفِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ فَقَالَ: لَمْ أَرَ لِلنُّصُوعِ فِي الطَّيِّبِ ذِكْرًا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ يَتَضَوَّعُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَزِيَادَةِ الْوَاوِ الثَّقِيلَةِ. قَالَ: وَيُرْوَى وَتَنْضَخُ بِمُعْجَمَتَيْنِ، وَأَغْرَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ فَضَبَطَهُ بِمُوَحَّدَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَعَيْنٍ، وَقَالَ: هُوَ مِنْ أَبْضَعَهُ بِضَاعَةً إِذَا دَفَعَهَا إِلَيْهِ، يَعْنِي: أَنَّ الْمَدِينَةَ تُعْطِي طَيِّبَهَا لِمَنْ سَكَنَهَا. وَتَعَقَّبَهُ الصَّغَانِيُّ بِأَنَّهُ خَالَفَ جَمِيعَ الرُّوَاةِ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْمَشْهُورُ بِالنُّونِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ) هُوَ الْخَطْمِيُّ، وَفِي الْإِسْنَادِ صَحَابِيَّانِ أَنْصَارِيَّانِ فِي نَسَقٍ وَاحِدٍ.

قَوْلُهُ: (رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ) هُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا بَيَانُ ابْتِدَاءِ قَوْلِهِ: تَنْفِي الرِّجَالَ وَأَنَّهُ كَانَ فِي أُحُدٍ.

قَوْلُهُ: (الرِّجَالُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ، الدَّجَّالُ بِالدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَوَقَعَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ تَنْفِي الذُّنُوبَ وَفِي تَفْسِيرِ النِّسَاءِ تَنْفِي الْخَبَثَ وَأَخْرَجَهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِاللَّفْظِ الَّذِي أَخْرَجَهُ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ، وَغُنْدَرٌ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي شُعْبَةَ، وَرِوَايَتُهُ تُوَافِقُ رِوَايَةَ حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي قَبْلَهُ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: تَنْفِي خَبَثَهَا وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: تُخْرِجُ الْخَبَثَ وَمَضَى فِي أَوَّلِ فَضَائِلِ الْمَدِينَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: تَنْفِي النَّاسَ، وَالرِّوَايَةُ الَّتِي هُنَا بِلَفْظِ: تَنْفِي الرِّجَالَ لَا تُنَافِي الرِّوَايَةَ بِلَفْظِ الْخَبَثِ بَلْ هِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ، بِخِلَافِ تَنْفِي الذُّنُوبَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ أَهْلَ الذُّنُوبِ فَيَلْتَئِمُ مَعَ بَاقِي الرِّوَايَاتِ.

باب

١٨٨٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنْ الْبَرَكَةِ.


(١) في هامش طبعة بولاق: كذا في النسخ التي بأيدينا. وفي القسطلاني: تنازعه الفعلان قبله وهما قوله "فقال" وقوله "فأبى"وهي الأظهر.