أَنَسٍ السَّقْفُ الْمَرْفُوعُ: الْعَرْشُ، كَذَا قَالَ، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ، وَهُوَ يَقْتَضِي الرَّدَّ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ السَّمَاءَ كُرِّيَّةٌ لِأَنَّ السَّقْفَ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لَا يَكُونُ كُرِّيًّا.
قَوْلُهُ: ﴿سَمْكَهَا﴾ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ (بِنَاءَهَا) بِالْمَدِّ، يُرِيدُ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا﴾ أَيْ: رَفَعَ بُنْيَانَهَا، وَهُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ وَزَادَ بِغَيْرِ عَمَدٍ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ مِثْلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْحُبُكُ اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا) هُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ، وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ ﴿ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ أَيِ الْبَهَاءِ وَالْجَمَالِ، غَيْرَ أَنَّهَا كَالْبَرَدِ الْمُسَلْسَلِ، وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ قَالَ: ﴿ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ أَيِ الْخَلْقِ الْحَسَنِ، وَالْحُبُكُ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ حَبِيكَةٍ كَطُرُقٍ وَطَرِيقَةٍ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَقِيلَ وَاحِدُهَا حِبَاكٌ كَمِثَالٍ وَمُثُلٍ، وَقِيلَ الْحُبُكُ الطَّرِيقُ الَّتِي تُرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ آثَارِ الْغَيْمِ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنِ الضَّحَّاكِ نَحْوَهُ، وَقِيلَ: هِيَ النُّجُومُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ الْحَسَنِ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَوِ الْمُرَادُ بِالسَّمَاءِ هُنَا السَّمَاءُ السَّابِعَةُ.
قَوْلُهُ: (أَذِنَتْ: سَمِعَتْ وَأَطَاعَتْ) يُرِيدُ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ وَمَعْنَى سَمْعِهَا وَإِطَاعَتِهَا قَبُولُهَا مَا يُرَادُ مِنْهَا، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا﴾ أَيْ أَطَاعَتْ، وَمِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ أَذِنَتْ لِرَبِّهَا أَيْ سَمِعَتْ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَحُقَّتْ أَيْ حُقَّ لَهَا أَنْ تُطِيعَ.
قَوْلُهُ: ﴿وَأَلْقَتْ﴾ أَخْرَجَتْ مَا فِيهَا مِنَ الْمَوْتَى ﴿وَتَخَلَّتْ﴾ أَيْ (عَنْهُمْ) يُرِيدُ تَفْسِيرَ بَقِيَّةِ الْآيَاتِ، وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَلْقَتْ مَا اسْتَوْدَعَهَا اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ وَتَخَلَّتْ عَنْهُمْ إِلَيْهِ.
قَوْلُهُ: ﴿طَحَاهَا﴾ دَحَاهَا) هُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِهِ، وَالْمَعْنَى بَسَطَهَا يَمِينًا وَشِمَالًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرِهِمَا: دَحَاهَا أَيْ بَسَطَهَا.
قَوْلُهُ: ﴿بِالسَّاهِرَةِ﴾ وَجْهُ الْأَرْضِ كَانَ فِيهَا الْحَيَوَانُ نَوْمُهُمْ وَسَهَرُهُمْ) هُوَ تَفْسِيرُ عِكْرِمَةَ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْأَرْضِ أَرْضُ الْقِيَامَةِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ قَالَ: أَرْضٌ بَيْضَاءُ عَفْرَاءُ كَالْخُبْزَةِ، وَسَيَأْتِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ مَرْفُوعًا فِي الرِّقَاقِ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ تَفْسِيرُ السَّاهِرَةِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ: أَحَدُهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ: مَنْ ظَلَمَ قَيْدَ شِبْرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْمَظَالِمِ.
ثَانِيهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمَعْنَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ أَيْضًا، وَعَبْدُ اللَّهِ فِي إِسْنَادِهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالرَّاوِي عَنْهُ بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ مَرْوَزِيٌّ سَمِعَ مِنَ ابْنِ الْمُبَارَكِ بِخُرَاسَانَ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ الْبَحْثَ الَّذِي قَدَّمْتُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ فِي كُتُبِ ابْنِ الْمُبَارَكِ بِخُرَاسَانَ أَنْ لَا يَكُونَ حَدَّثَ بِهِ هُنَاكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِشْرٌ صَحِبَ ابْنَ الْمُبَارَكِ فَسَمِعَهُ مِنْهُ بِالْبَصْرَةِ فَيَصِحُّ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا بِالْبَصْرَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثَالِثُهَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ: إن الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ، وَسَيَأْتِي بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فِي آخِرِ الْمَغَازِي فِي الْكَلَامِ عَلَى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةٌ، وَمَضَى شَرْحُ أَكْثَرِهِ فِي الْعِلْمِ وَبَعْضُهُ فِي الْحَجِّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ) اسْمُ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَيُّوبَ، وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَةِ الْأَصِيلِيِّ هُنَا عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَثَبَتَ لِسَائِرِ الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، قُلْتُ: وَكَذَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ، عَنِ الْبُخَارِيِّ، قَالَ الْجَيَّانِيُّ: وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ هُنَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ