للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَيْهِ قَرِيبًا نَحْوُهُ، فَهَذِهِ أَخْبَارٌ يَقْوَى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُتْعَةَ إِنَّمَا رُخِّصَ فِيهَا بِسَبَبِ الْعُزْبَةِ فِي حَالِ السَّفَرِ، وَهُوَ يُوَافِقُ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَاضِيَ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: إِنَّمَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ لِحَرْبِنَا وَخَوْفِنَا، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا كَانَتِ الْمُتْعَةُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، كَانَ الرَّجُلُ يَقْدُمُ الْبَلَدَ لَيْسَ لَهُ فِيهَا مَعْرِفَةٌ، فَيَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ بِقَدْرِ مَا يُقِيمُ، فَتَحْفَظُ لَهُ مَتَاعَهُ فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَهُوَ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عِلَّةِ إِبَاحَتِهَا.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ عَمْرٌو) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ، فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي الْوَزِيرِ، عَنْ سُفْيَانَ: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَلَّ مَنْ رَوَاهُ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مَعَ كَوْنِهِ مُعَنْعَنًا لِوُرُودِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ سُفْيَانَ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ قَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، وَرَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ كُلُّهُمْ عَنْ عَمْرٍو.

قَوْلُهُ: (عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ)؛ أَيِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَهُوَ الْمَاضِي ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ الْمَذْكُورَةِ عَنْ عَمْرٍو: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ.

قَوْلُهُ: (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ) فِي رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ تَقْدِيمُ سَلَمَةَ عَلَى جَابِرٍ، وَقَدْ أَدْرَكَهُمَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا، لَكِنْ رِوَايَتُهُ عَنْ جَابِرٍ أَشْهَرُ.

قَوْلُهُ: (كُنَّا فِي جَيْشٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِ، لَكِنْ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ عَامَ أَوْطَاسَ فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ نَهَى عَنْهَا.

(تَنْبِيهٌ): ضَبْطُ جَيْشٌ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ، وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ حُنَيْنٌ بِالْمُهْمَلَةِ وَنُونَيْنِ بِاسْمِ مَكَانِ الْوَقْعَةِ الْمَشْهُورَةِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ: خَرَجَ عَلَيْنَا مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ بِلَالٌ.

قَوْلُهُ: (إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا)، زَادَ شُعْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ: يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ، وَضُبِطَ فَاسْتَمْتِعُوا بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِهَا بِلَفْظِ الْأَمْرِ وَبِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ جَابِرٍ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى، مِنْهَا عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ: فَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَمِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ: اسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأُخْرِجَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ سَمِعْتُ جَابِرًا نَحْوَهُ، وَزَادَ: حَتَّى نَهَى عَنْهَا عُمَرُ فِي شَأْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ.

وَقِصَّةُ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ أَخْرَجَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَدِمَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ الْكُوفَةَ فَاسْتَمْتَعَ بِمَوْلَاة، فَأَتَى بِهَا عمرو حُبْلَى، فَسَأَلَهُ فَاعْتَرَفَ، قَالَ: فَذَلِكَ حِينَ نَهَى عَنْهَا عُمَرُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي رِوَايَةِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ الَّتِي حَكَيْنَاهَا عَنْ تَخْرِيجِ مُسْلِمِ: ثُمَّ نَهَى عَنْهَا ضَبَطْنَاهُ: نَهَى بِفَتْحِ النُّونِ، وَرَأَيْتُهُ فِي رِوَايَةٍ مُعْتَمَدَةٍ نَهَا بِالْأَلِفِ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: بَلْ هِيَ بِضَمِّ النُّونِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّاهِي فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ، عُمَرُ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ قُلْنَا: هُوَ مُحْتَمَلٌ، لَكِنْ ثَبَتَ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ عَنْهَا فِي حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ، وَلَمْ نَجِدْ عَنْهُ الْإِذْنَ فِيهِ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْهُ، فَنَهْيُ عُمَرَ مُوَافِقٌ لِنَهْيِهِ . قُلْتُ: وَتَمَامُهُ أَنْ يُقَالَ: لَعَلَّ جَابِرًا وَمَنْ نُقِلَ عَنْهُ اسْتِمْرَارُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَهُ إِلَى أَنْ نَهَى عَنْهَا عُمَرُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّهْيُ.

وَمِمَّا يُسْتَفَادُ أَيْضًا أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَنْهَ عَنْهَا اجْتِهَادًا، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا مُسْتَنِدًا إِلَى نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ عَنْهُ بِذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ خَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ حَرَّمَهَا،