للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَوْمًا مَكَانَهُ.

١٩٣٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ، أَخْبَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ ﵂ تَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: إِنَّهُ احْتَرَقَ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِمِكْتَلٍ يُدْعَى الْعَرَقَ، فَقَالَ: أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ؟ قَالَ: أَنَا، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا.

[الحديث ١٩٣٥ - طرفه في ٦٨٢٢]

قَوْلُهُ: (بَابٌ: إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ) أَيْ: عَامِدًا عَالِمًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.

قَوْلُهُ: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفْعُهُ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ) وَصَلَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ كِلَاهُمَا عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُطَوَّسِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ فِي غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ، وَإِنْ صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - يَعْنِي: الْبُخَارِيَّ - عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: أَبُو الْمُطَوَّسِ اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ الْمُطَوَّسِ لَا أَعْرِفُ لَهُ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ أَيْضًا: تَفَرَّدَ أَبُو الْمُطَوَّسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا أَدْرِي سَمِعَ أَبُوهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَمْ لَا.

قُلْتُ: وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَحَصَلَتْ فِيهِ ثَلَاثُ عِلَلٍ: الِاضْطِرَابُ وَالْجَهْلُ بِحَالِ أَبِي الْمُطَوَّسِ وَالشَّكُّ فِي سَمَاعِ أَبِيهِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهَذِهِ الثَّالِثَةُ تَخْتَصُّ بِطَرِيقَةِ الْبُخَارِيِّ فِي اشْتِرَاطِ اللِّقَاءِ، وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ مَوْقُوفًا. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَشَارَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَى إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ قِيَاسًا عَلَى الْجِمَاعِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا انْتَهَاكُ حُرْمَةِ الشَّهْرِ بِمَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ عَمْدًا. وَقَرَّرَ ذَلِكَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ تَرْجَمَ بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ آثَارَ الْإِفْطَارِ لِيُفْهَمَ أَنَّ الْإِفْطَارَ بِالْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ وَاحِدٌ. انْتَهَى.

وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِالْآثَارِ الَّتِي ذَكَرَهَا إِلَى أَنَّ إِيجَابَ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ السَّلَفِ، وَأَنَّ الْفِطْرَ بِالْجِمَاعِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ، وَأَشَارَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ لَمْ يُجْزَمْ بِهِ عَنْهُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَظَاهِرُهُ يُقَوِّي قَوْلَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ فِي الْفِطْرِ بِالْأَكْلِ، بَلْ يَبْقَى ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ زِيَادَةً فِي عُقُوبَتِهِ؛ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْقَضَاءِ تَقْتَضِي رَفْعَ الْإِثْمِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْقَضَاءِ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ الْأَمْرُ بِهَا وَهُوَ الْجِمَاعُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِانْتِهَاكِ بِالْجِمَاعِ وَالْأَكْلِ ظَاهِرٌ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ.

قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ مَا مُحَصَّلُهُ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ أَيْ: لَا سَبِيلَ إِلَى اسْتِدْرَاكِ كَمَالِ فَضِيلَةِ الْأَدَاءِ بِالْقَضَاءِ، أَيْ: فِي وَصْفِهِ الْخَاصِّ، وَإِنْ كَانَ يَقْضِي عَنْهُ فِي وَصْفِهِ الْعَامِّ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إِهْدَارُ الْقَضَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ. انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ، وَسِيَاقُ أَثَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْآتِي يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ، وَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا الْبُخَارِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ) أَيْ: بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَرُوِّينَاهُ عَالِيًا فِي جُزْءِ هِلَالٍ الْحَفَّارِ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيِّ قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ لَمْ يُجْزِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ، فَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ وَاصِلٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ فُلَانِ بْنِ