وَعِشْرِينَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ) هُوَ الطَّائِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ) هُوَ الْأَسَدِيُّ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ، وَصَرَّحَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِسَمَاعِ سَعِيدٍ مِنْ عَلِيٍّ وَلَفْظُهُ: حَدَّثَنَا، وَالْمُغِيرَةُ هُوَ ابْنُ شُعْبَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُغِيرَةُ أَمِيرُ الْكُوفَةَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ. فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَسَدِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ. وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ، فَنِيحَ عَلَيْهِ، فَجَاءَ الْمُغِيرَةُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: مَا بَالُ النَّوْحِ فِي الْإِسْلَامِ. انْتَهَى. وَقَرَظَةُ الْمَذْكُورُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ وَالظَّاءِ الْمُشَالَةِ أَنْصَارِيٌّ خَزْرَجِيٌّ، كَانَ أَحَدَ مَنْ وَجَّهَهُ عُمَرُ إِلَى الْكُوفَةِ لِيُفَقِّهَ النَّاسَ، وَكَانَ عَلَى يَدِهِ فَتْحُ الرَّيِّ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَلِيٌّ (١) عَلَى الْكُوفَةِ، وَجَزَمَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مَاتَ فِي خِلَافَتِهِ، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ وَفَاتَهُ حَيْثُ كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ، وَكَانَتْ إِمَارَةُ الْمُغِيرَةِ عَلَى الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ إِلَى أَنْ مَاتَ وَهُوَ عَلَيْهَا سَنَةَ خَمْسِينَ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ)؛ أَيْ غَيْرِي، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْكَذِبَ عَلَى الْغَيْرِ قَدْ أُلِفَ وَاسْتُسْهِلَ خَطْبُهُ، وَلَيْسَ الْكَذِبُ عَلَيَّ بَالِغًا مَبْلَغَ ذَاكَ فِي السُّهُولَةِ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي السُّهُولَةِ، فَهُوَ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْإِثْمِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ مَنْ أَوْرَدَ أَنَّ الَّذِي تَدْخُلُ عَلَيْهِ الْكَافُ أَعْلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْ إِثْبَاتِ الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْكَذِبِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْكَذِبُ عَلَى غَيْرِهِ مُبَاحًا، بَلْ يُسْتَدَلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْكَذِبِ عَلَى غَيْرِهِ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكَذِبَ عَلَيْهِ تُوُعِّدَ فَاعِلُهُ بِجَعْلِ النَّارِ لَهُ مَسْكَنًا، بِخِلَافِ الْكَذِبِ عَلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ مَبَاحِثِ الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ، وَيَأْتِي كَثِيرٌ مِنْهَا فِي شَرْحِ حَدِيثِ وَاثِلَةَ فِي أَوَائِلِ مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (مَنْ يُنَحْ عَلَيْهِ يُعَذَّبْ) ضَبَطَهُ الْأَكْثَرُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ النُّونِ وَجَزْمِ الْمُهْمَلَةِ، عَلَى أَنَّ مَنْ شَرْطِيَّةٌ، وَتَجْزِمُ الْجَوَابَ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى تَقْدِيرِ: فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ، وَرُوِيَ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: مَنْ يُنَاحُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَوْصُولَةٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ بِلَفْظِ: إِذَا نِيحَ عَلَى الْمَيِّتِ عُذِّبَ بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ. وَهُوَ يُؤَيِّدُ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ.
قَوْلُهُ: (بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ) كَذَا لِلْجَمِيعِ بِكَسْرِ النُّونِ، وَلِبَعْضِهِمْ: مَا نِيحَ، بِغَيْرِ مُوَحَّدَةٍ عَلَى أَنَّ مَا ظَرْفِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ) فِي رِوَايَةٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ عَبْدُ الْأَعْلَى) هُوَ ابْنُ حَمَّادٍ، وَسَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ) يَعْنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إِلَخْ، وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ آدَمُ، عَنْ شُعْبَةَ) يَعْنِي بِإِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَابِ، لَكِنْ بِغَيْرِ لَفْظِ الْمَتْنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ. تَفَرَّدَ آدَمُ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَحَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، كُلِّهِمْ عَنْ شُعْبَةَ كَالْأَوَّلِ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي النَّضْرِ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَأَبِي زَيْدٍ الْهَرَوِيِّ، وَأَسْوَدَ بْنِ عَامِرٍ كُلِّهِمْ عَنْ سَعِيدٍ كَذَلِكَ، وَفِي الْحَدِيثِ تَقْدِيمٌ مَنْ يُحَدِّثُ كَلَامًا يَقْتَضِي تَصْدِيقُهُ فِيمَا يُحَدِّثُ بِهِ، فَإِنَّ الْمُغِيرَةَ قَدَّمَ قَبْلَ تَحْدِيثِهِ بِتَحْرِيمِ النَّوْحِ، أَنَّ الْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَشَدُّ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْوَعِيدَ عَلَى ذَلِكَ يَمْنَعُهُ أَنْ يُخْبِرَ عَنْهُ بِمَا لَمْ يَقُلْ.
(١) في نسخة أخرى "واستخلفه"
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute