للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ وَكِتَابُكُمْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أَحْدَثُ تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ وَقَدْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَغَيَّرُوهُ وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ الْكِتَابَ وَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنْ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ لَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا يَسْأَلُكُمْ عَنْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ : لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: أَنَّ عُمَرَ أَتَى النَّبِيَّ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ، فَغَضِبَ وَقَالَ: لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ إِلَّا أَنَّ فِي مُجَالِدٍ ضَعْفًا، وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ: أَنَّ عُمَرَ نَسَخَ صَحِيفَةً مِنَ التَّوْرَاةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ وَفِي سَنَدِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَاسْتَعْمَلَهُ فِي التَّرْجَمَةِ لِوُرُودِ مَا يَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ مِنَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ حُرَيْثِ بْنِ ظَهِيرٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ؛ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ أَضَلُّوا أَنْفُسَهُمْ، فَتُكَذِّبُوا بِحَقٍّ، أَوْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ، وَأَخْرَجَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ؛ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا، أَنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ، أَوْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الْمُهَلَّبِ: هَذَا النَّهْيُ إِنَّمَا هُوَ فِي سُؤَالِهِمْ عَمَّا لَا نَصَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ شَرْعَنَا مُكْتَفٍ بِنَفْسِهِ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَصٌّ فَفِي النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ غِنًى عَنْ

سُؤَالِهِمْ، وَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ سُؤَالُهُمْ عَنِ الْأَخْبَارِ الْمُصَدِّقَةِ لِشَرْعِنَا وَالْأَخْبَارِ عَنِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ فَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ، وَالنَّهْيُ إِنَّمَا هُوَ عَنْ سُؤَالِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْهُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ يَخْتَصُّ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالنَّهْيُ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ) كَذَا عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَلَمْ أَرَهُ بِصِيغَةِ حَدَّثَنَا، وَأَبُو الْيَمَانِ مِنْ شُيُوخِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ عَنْهُ مُذَاكَرَةً، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَرَكَ التَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ حَدَّثَنَا؛ لِكَوْنِهِ أَثَرًا مَوْقُوفًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا فَاتَهُ سَمَاعُهُ، ثُمَّ وَجَدْتُ الْإِسْمَاعِيلِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ الطَّيَالِسِيِّ، عَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فَذَكَرَهُ، فَظَهَرَ أَنَّهُ مَسْمُوعٌ لَهُ، وَتَرَجَّحَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي، ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ.

قَوْلُهُ: (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) أَيِ: ابْنِ عَوْفٍ، وَقَوْلُهُ: سَمِعَ مُعَاوِيَةَ أَيْ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ، وَحَذْفُ أَنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا.

قَوْلُهُ: (رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِمْ، وَقَوْلُهُ: بِالْمَدِينَةِ يَعْنِي لَمَّا حَجَّ فِي خِلَافَتِهِ.

قَوْلُهُ: (إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ) إِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَمِنْ أَصْدَقِ بِزِيَادَةِ اللَّامِ الْمُؤَكِّدَةِ.

قَوْلُهُ: (يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) أَيِ الْقَدِيمُ، فَيَشْمَلُ التَّوْرَاةَ وَالصُّحُفَ، وَفِي رِوَايَةِ الذُّهْلِيِّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ بِهَذَا السَّنَدِ يَتَحَدَّثُونَ بِزِيَادَةِ مُثَنَّاةٍ.

قَوْلُهُ: (لَنَبْلُو) بِنُونٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ أَيْ نَخْتَبِرُ، وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ الْكَذِبَ أَيْ: يَقَعُ بَعْضُ مَا يُخْبِرُنَا عَنْهُ بِخِلَافِ مَا يُخْبِرُنَا بِهِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَقِّ كَعْبٍ الْمَذْكُورِ بَدَلَ مَنْ قَبْلَهُ فَوَقَعَ فِي الْكَذِبِ، قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْمُحَدِّثِينَ: أَنْدَادُ كَعْبٍ مِمَّنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَسْلَمَ فَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْهُمْ، وَكَذَا مَنْ نَظَرَ فِي كُتُبِهِمْ فَحَدَّثَ عَمَّا فِيهَا، قَالَ: وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا مِثْلَ كَعْبٍ إِلَّا أَنَّ كَعْبًا كَانَ أَشَدَّ مِنْهُمْ بَصِيرَةً وَأَعْرَفَ بِمَا يَتَوَقَّاهُ، وَقَالَ