للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَدْ وَقَعَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى وَفِيهِ مَقَالٌ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مَقْبُولًا لَكِنْ لَا تُعَادِلُ رِوَايَتُهُ رِوَايَةَ قَتَادَةَ، وَيُرَجِّحُ رِوَايَةَ قَتَادَةَ حَدِيثُ عُمَرَ فِي ذِكْرِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ خَاتِمَةُ أَحَادِيثِ الْبَابِ، وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِإِخْرَاجِهِ إِلَى ذَلِكَ لِتَصْرِيحِ عُمَرَ بِتَرْجِيحِهِ في الْقِرَاءَةِ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَنَسٌ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي وَقْتَيْنِ فَذَكَرَهُ مَرَّةً أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَمَرَّةً بَدَّلَهُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ خَمْسَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ مَعَ إِرْسَالِهِ، وَهُوَ شَاهِدٌ جَيِّدٌ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى فِي ذِكْرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي الْعَدَدِ وَالْمَعْدُودِ، وَمِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ سِتَّةٌ مِنْهُمْ أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَمُعَاذٌ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ هُمُ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ مَعَ إِرْسَالِهِ.

فَلِلَّهِ دَرُّ الْبُخَارِيِّ مَا أَكْثَرَ اطِّلَاعَهُ. وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُرْسَلَةِ قُوَّةُ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى وَأَنَّ لِرِوَايَتِهِ أَصْلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: لَعَلَّ السَّامِعَ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ لَمْ يَجْمَعُوا وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِمَّنْ جَمَعَ فَقَالَ أَنَسٌ ذَلِكَ رَدًّا عَلَيْهِ، وَأَتَى بِصِيغَةِ الْحَصْرِ ادِّعَاءً وَمُبَالَغَةً، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّفْيُ عَنْ غَيْرِهِمْ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَأَبُو زَيْدٍ قَالَ: وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ) الْقَائِلُ ذَلِكَ هُوَ أَنَسٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ وَمَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي، وَتَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَاتَ أَبُو زَيْدٍ وَكَانَ بَدْرِيًّا وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا وَقَالَ أَنَسٌ: نَحْنُ وَرِثْنَاهُ. وَقَوْلُهُ: أَحَدُ عُمُومَتِي يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ سَمَّى أَبَا زَيْدٍ الْمَذْكُورَ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ أَحَدَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِأَنَّ أَنَسًا خَزْرَجِيٌّ وَسَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ أَوْسِيٌّ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ مِمَّنْ جَمَعَ وَلَمْ يَطَّلِعْ أَنَسٌ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ: لَمْ يَجْمَعْهُ مِنَ الْأَوْسِ غَيْرَهُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ فِي المحبر سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَنَسَبَهُ كَانَ أَحَدَ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ . وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَبَيْنَ أَبِي زَيْدٍ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا فَدَلَّ، عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ الْمُرَادِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِيمَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ قَيْسَ بْنَ أَبِي صَعْصَعَةَ وَهُوَ خَزْرَجِيٌّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكَنَّى أَبَا زَيْدٍ، وَسَعْدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ أَوْسِ بْنِ زُهَيْرٍ وَهُوَ خَزْرَجِيٌّ أَيْضًا لَكِنْ لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِأَنَّهُ يُكَنَّى أَبَا زَيْدٍ، ثُمَّ وَجَدْتُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ، فَإِنَّهُ رَوَى بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ إِلَى ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا زَيْدٍ الَّذِي جَمَعَ الْقُرْآنَ اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ، قَالَ: وَكَانَ رَجُلًا مِنَّا مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ أَحَدُ عُمُومَتِي وَمَاتَ، وَلَمْ يَدَعْ عَقِبًا، وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ خَالِدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: هُوَ قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ مِنْ زَعْوَرَاءَ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: مَاتَ قَرِيبًا مِنْ وَفَاةِ النَّبِيِّ فَذَهَبَ عِلْمُهُ وَلَمْ يُؤْخَذْ عَنْهُ وَكَانَ عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا.

قَوْلُهُ: (يَحْيَى) هُوَ الْقَطَّانُ، وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ) عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ.

قَوْلُهُ: (أُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَبِهِ جَزَمَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ فَقَالَ: لَيْسَ فِي رِوَايَةِ صَدَقَةَ ذِكْرُ عَلِيٍّ.

قُلْتُ: وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ، عَنِ الْبُخَارِيِّ، فَأَوَّلُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُ عَلِيٌّ أَقْضَانَا، وَأُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا وَقَدْ أَلْحَقَ الدِّمْيَاطِيٌّ فِي نُسْخَتِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ ذِكْرَ عَلِيٍّ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، لِأَنَّهُ سَاقِطٌ مِنْ رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ رِوَايَتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ بِسَنَدِهِ هَذَا وَفِيهِ ذِكْرُ عَلِيٍّ عِنْدَ الْجَمِيعِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ لَحْنِ أُبَيٍّ) أَيْ مِنْ قِرَاءَتِهِ، وَلَحْنُ الْقَوْلِ فَحْوَاهُ وَمَعْنَاهُ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْقَوْلُ. وَكَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ