وَخَبِيثِهِمْ أَبُوهُمْ وَاحِدٌ. السَّحَابُ الثِّقَالُ: الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ. ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ﴾ يَدْعُو الْمَاءَ بِلِسَانِهِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَلَا يَأْتِيهِ أَبَدًا.
﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ تَمْلَأُ بَطْنَ وَادٍ. ﴿زَبَدًا رَابِيًا﴾ زَبَدُ السَّيْلِ. ﴿زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾ خَبَثُ الْحَدِيدِ وَالْحِلْيَةِ.
قَوْلُهُ: (سُورَةُ الرَّعْدِ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ثَبَتَ الْبَسْمَلَةُ لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ﴾ مَثَلُ الْمُشْرِكِ الَّذِي عَبَدَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ غَيْرَهُ كَمَثَلِ الْعَطْشَانِ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى ظِلِّ خَيَالِهِ فِي الْمَاءِ مِنْ بَعِيدٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ وَلَا يَقْدِرُ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ﴾ الْآيَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
(تَنْبِيهٌ): وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ فَلَا يَقْدِرُ بِالرَّاءِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْقَابِسِيِّ يَقْدَمُ بِالْمِيمِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ مَثَلُ الْأَوْثَانِ الَّتِي تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلِ قَدْ بَلَغَهُ الْعَطَشُ حَتَّى كَرَبَهُ الْمَوْتُ وَكَفَّاهُ فِي الْمَاءِ قَدْ وَضَعَهُمَا لَا يَبْلُغَانِ فَاهُ، يَقُولُ اللَّهُ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ الْأَوْثَانُ وَلَا تَنْفَعُهُ حَتَّى تَبْلُغَ كَفَّا هَذَا فَاهُ وَمَا هُمَا بِبَالِغَتَيْنِ فَاهُ أَبَدًا. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كَالرَّجُلِ الْعَطْشَانِ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى الْبِئْرِ لِيَرْتَفِعَ الْمَاءُ إِلَيْهِ وَمَا هُوَ بِمُرْتَفِعٍ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ: الَّذِي يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلَهًا لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا مِنْ نَفْعٍ أَوْ ضُرٍّ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ، مَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي بَسَطَ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَلَا يَصِلُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَمُوتُ عَطَشًا. وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ وَلَكِنْ قَالَ: وَلَيْسَ الْمَاءُ بِبَالِغٍ فَاهُ مَا دَامَ بَاسِطًا كَفَّيْهِ لَا يَقْبِضُهُمَا، وَسَيَأْتِي قَوْلُ مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ: مُتَجَاوِرَاتٌ مُتَدَانِيَاتٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمَثُلَاتُ وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ وَهِيَ الْأَمْثَالُ وَالْأَشْبَاهُ، وَقَالَ: ﴿إِلا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا﴾ هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَلِغَيْرِهِ: وَقَالَ غَيْرُهُ: سَخَّرَ ذَلَّلَ، مُتَجَاوِرَاتٍ: مُتَدَانِيَاتٍ، الْمُثُلَاتُ وَاحِدُهَا مُثْلَةٌ إِلَى آخِرِهِ، فَجَعَلَ الْكُلَّ لِقَاتِلٍ وَاحِدٍ. وَقَوْلُهُ وَسَخَّرَ هُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. وَذَلَّلَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ تَفْسِيرُ سَخَّرَ، وَكُلُّ هَذَا كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ أَيْ ذَلَّلَهُمَا فَانْطَاعَا، قَالَ: وَالتَّنْوِينُ فِي كُلٍّ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ فَلَمْ يَعْمَلُ فِيهِ وَسَخَّرَ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ أَيْ مُتَدَانِيَاتٌ مُتَقَارِبَاتٌ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ﴾ قَالَ: الْأَمْثَالُ وَالْأَشْبَاهُ وَالنَّظِيرُ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿الْمَثُلاتُ﴾ قَالَ: الْأَمْثَالُ. وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قال: ﴿الْمَثُلاتُ﴾ الْعُقُوبَاتُ. وَمِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: ﴿الْمَثُلاتُ﴾ مَا مَثَّلَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْأُمَمِ مِنَ الْعَذَابِ، وَهُوَ جَمْعُ مَثُلَةٍ كَقَطْعِ الْأُذُنِ وَالْأَنْفِ.
(تَنْبِيهٌ):
الْمَثُلَاتُ وَالْمَثُلَةُ كِلَاهُمَا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ مِثْلُ سَمُرَةٍ وَسَمُرَاتٍ، وَسَكَّنَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ الْمُثَلَّثَةَ فِي قِرَاءَتِهِ وَضَمَّ الْمِيمَ، وَكَذَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ لَكِنْ فَتَحَ أَوَّلَهُ، وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ بِفَتْحِهِمَا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ بِضَمِّهِمَا، وَبِهِمَا قَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (بِمِقْدَارٍ بِقَدَرٍ) هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا وَزَادَ: مِفْعَالٌ مِنَ الْقَدرِ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أَيْ جَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا مَعْلُومًا.
قَوْلُهُ: (يُقَالُ مُعَقِّبَاتٌ مَلَائِكَةٌ حَفَظَةٌ تُعَقِّبُ الْأُولَى مِنْهَا الْأُخْرَى وَمِنْهُ قِيلَ الْعَقِيبُ أَيْ عَقَّبْتُ فِي أَثَرِهِ) سَقَطَ لَفْظُ يُقَالُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ أَوْلَى فَإِنَّهُ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ أَيْ مَلَائِكَةٌ تُعَقِّبُ بَعْدَ مَلَائِكَةٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute