هِشَامٌ) هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَيَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ) فِي رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ يَحْيَى عِنْدَ مُسْلِمٍ:، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ.
قَوْلُهُ: (انْطَلَقَ أَبِي عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ) هَكَذَا سَاقَهُ مُرْسَلًا، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ هِشَامٍ، لَكِنْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، وَقَوْلُهُ: بِالْحُدَيْبِيَةِ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ) الضَّمِيرُ لِأَبِي قَتَادَةَ بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ أَحْرَمَ أَصْحَابِي وَلَمْ أُحْرِمْ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ: وَأُنْبِئْنَا بِعَدُوٍّ بِغَيْقَةَ فَتَوَجَّهْنَا نَحْوَهُمْ وَفِي هَذَا السِّيَاقِ حَذْفٌ بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَهِيَ بَعْدَ بَابَيْنِ بِلَفْظِ: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجُوا مَعَهُ، فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ: خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِيَ، فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلَّا أَبَا قَتَادَةَ، وَسَيَأْتِي الْجَمْعُ هُنَاكَ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: خَرَجَ حَاجًّا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَبَيَّنَ الْمُطَّلِبُ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مَكَانَ صَرْفِهِمْ، وَلَفْظُهُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى إِذَا بَلَغْنَا الرَّوْحَاءَ.
قَوْلُهُ: (وَحُدِّثَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَقَوْلُهُ: بِغَيْقَةَ أَيْ: فِي غَيْقَةَ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ قَافٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ هَاءٌ. قَالَ السُّكُونِيُّ: هُوَ مَاءٌ لِبَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ قَلِيبٌ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ يَصُبُّ فِيهِ مَاءُ رَضْوَى، وَيَصُبُّ هُوَ فِي الْبَحْرِ.
وَحَاصِلُ الْقِصَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا خَرَجَ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ فَبَلَغَ الرَّوْحَاءَ - وَهِيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا - أَخْبَرُوهُ بِأَنَّ عَدُوًّا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِوَادِي غَيْقَةَ يُخْشَى مِنْهُمْ أَنْ يَقْصِدُوا غِرَّتَهُ، فَجَهَّزَ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ إِلَى جِهَتِهِمْ لِيَأْمَنَ شَرَّهُمْ، فَلَمَّا أَمِنُوا ذَلِكَ لَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ وَأَصْحَابُهُ بِالنَّبِيِّ ﷺ فَأَحْرَمُوا، إِلَّا هُوَ فَاسْتَمَرَّ هُوَ حَلَالًا؛ لِأَنَّهُ إِمَّا لَمْ يُجَاوِزِ الْمِيقَاتَ، وَإِمَّا لَمْ يَقْصِدِ الْعُمْرَةَ، وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَصْحَابَنَا يَتَعَجَّبُونَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَيَقُولُونَ: كَيْفَ جَازَ لِأَبِي قَتَادَةَ أَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ؟ وَلَا يَدْرُونَ مَا وَجْهُهُ. قَالَ: حَتَّى وَجَدْتُهُ فِي رِوَايَةٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِيهَا: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَحْرَمْنَا، فَلَمَّا كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا إِذَا نَحْنُ بِأَبِي قَتَادَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ بَعَثَهُ فِي وَجْهِ. الْحَدِيثَ. قَالَ: فَإِذَا أَبُو قَتَادَةَ إِنَّمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ يُرِيدُ مَكَّةَ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا تَقْتَضِي أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّاهُ. ثُمَّ وَجَدْتُ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْبَزَّارِ مِنْ طَرِيقِ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَا قَتَادَةَ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ وَهُمْ مُحْرِمُونَ حَتَّى نَزَلُوا بِعُسْفَانَ فَهَذَا سَبَبٌ آخَرُ، وَيُحْتَمَلُ جَمْعُهُمَا. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ إِنَّمَا أَخَّرَ الْإِحْرَامَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ فَسَاغَ لَهُ التَّأْخِيرُ، وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِقِصَّةِ أَبِي قَتَادَةَ عَلَى جَوَازِ دُخُولِ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً، وَقِيلَ: كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ قَبْلَ أَنْ يُؤَقِّتَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَوَاقِيتَ. وَأَمَّا قَوْلُ عِيَاضٍ وَمَنْ تَبِعَهُ: إِنَّ أَبَا قَتَادَةَ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يُعْلِمُونَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ قَصَدُوا الْإِغَارَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا ثَبَتَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ الصَّحِيحَةِ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابَيْنِ، كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهَا قَبْلُ.
قَوْلُهُ: (فَبَيْنَا أَبِي مَعَ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ) فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ: فَبَصُرَ أَصْحَابِي بِحِمَارِ وَحْشٍ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute