للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، وَلَا يَمْنَعُنِي مِنْ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى فَخِذِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ حين أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا الْعِقْدُ تَحْتَهُ.

٤٦٠٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ : سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لِي بِالْبَيْدَاءِ - وَنَحْنُ دَاخِلُونَ الْمَدِينَةَ - فَأَنَاخَ النَّبِيُّ ، وَنَزَلَ، فَثَنَى رَأْسَهُ فِي حَجْرِي رَاقِدًا، أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلَادَةٍ؟ فَبِي الْمَوْتُ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَقَدْ أَوْجَعَنِي، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتْ الصُّبْحُ، فَالْتُمِسَ الْمَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ، فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾ الْآيَةَ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَرَكَةٌ لَهُمْ.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ كَذَا فِي الْأُصُولِ، وَزَعَمَ ابْنُ التِّينِ وَتَبِعَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَاءً وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ التِّلَاوَةَ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ إِنَّمَا وَقَعَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ، وَهُوَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ دُونَ بَعْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (تَيَمَّمُوا: تَعَمَّدُوا، آمِّينَ: عَامِدِينَ، أَمَّمْتُ وَتَيَمَّمْتُ وَاحِدٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا﴾ أَيْ: فَتَعَمَّدُوا، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾ أَيْ: وَلَا عَامِدِينَ، وَيُقَالُ: أَمَّمْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: تَيَمَّمْتُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنِّي كَذَاكَ إِذَا مَا سَاءَنِي بَلَدٌ … يَمَّمْتُ صَدْرَ بَعِيرِي غَيْرَهُ بَلَدَا

(تَنْبِيهٌ): قَرَأَ الْجُمْهُورُ: ﴿وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ﴾ بِإِثْبَاتِ النُّونِ، وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ بِحَذْفِ النُّونِ مُضَافًا كَقَوْلِهِ: مُحِلِّي الصَّيْدِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَسْتُمْ وَ ﴿تَمَسُّوهُنَّ﴾ وَ ﴿اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ وَالْإِفْضَاءُ: النِّكَاحُ) أَمَّا قَوْلُهُ: لَمَسْتُمْ فَرَوَى إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ قَالَ: هُوَ الْجِمَاعُ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ الْجِمَاعُ، وَلَكِنِ اللَّهَ يَعْفُو وَيَكُنِّي. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿تَمَسُّوهُنَّ﴾ فَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ أَيْ: تَنْكِحُوهُنَّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: دَخَلْتُمْ بِهِنَّ، فَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ قَالَ: الدُّخُولُ النِّكَاحُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَالْإِفْضَاءُ فَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ قَالَ: الْإِفْضَاءُ الْجِمَاعُ. وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمُلَامَسَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ وَالْإِفْضَاءُ وَالرَّفَثُ وَالْغَشَيَانُ وَالْجِمَاعُ كُلُّهُ النِّكَاحُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُكَنِّي. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يُكَنِّي عَمَّا شَاءَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. لَكِنْ قَالَ: التَّغَشِّي بَدَلَ الْغَشَيَانِ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: أَرَادَ بِالتَّغَشِّي، قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا تَغَشَّاهَا﴾ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي النِّكَاحِ.

وَالَّذِي يَتَعَلَّقُ