بَعْضُهُمْ بِأَنَّ خَبَرَ الْمَذْكُورِ أَفَادَهُمُ الْعِلْمَ بِصِدْقِهِ لِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ قَرِينَةِ ارْتِقَابِ النَّبِيِّ ﷺ وُقُوعَ ذَلِكَ لِتَكَرُّرِ دُعَائِهِ بِهِ وَالْبَحْثُ إِنَّمَا هُوَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ إِذَا تَجَرَّدَ عَنِ الْقَرِينَةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إِذَا سُلِّمَ أَنَّهُمُ اعْتَمَدُوا عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ كَفَى فِي صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْقَرِينَةِ، وَأَيْضًا فَلَيْسَ الْعَمَلُ بِالْخَبَرِ الْمَحْفُوفِ بِالْقَرِينَةِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَيَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى مَنِ اشْتَرَطَ الْعَدَدَ وَأَطْلَقَ، وَكَذَا مَنِ اشْتَرَطَ الْقَطْعَ، وَقَالَ: إِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَفِي أَبْوَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَيْضًا وَبَيَّنْتُ هُنَاكَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الَّذِي أَخْبَرَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بِالتَّحْوِيلِ لَمْ يُعْرَفِ اسْمُهُ، وَيَحْيَى شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ هُوَ ابْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ، وَإِسْرَائِيلُ هُوَ ابْنُ يُونُسَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ وَهُوَ جَدُّ إِسْرَائِيلَ الْمَذْكُورِ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: حَدِيثُ أَنَسٍ: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ وَأَنَّ الْآتِيَ الْمَذْكُورَ لَمْ يُسَمَّ وَأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَوَاللَّهِ مَا سَأَلُوا عَنْهَا وَلَا رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ وَهُوَ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا بِهِ نَسْخَ الشَّيْءِ الَّذِي كَانَ مُبَاحًا حَتَّى أَقْدَمُوا مِنْ أَجْلِهِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: حَدِيثُ حُذَيْفَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ فِي السَّنَدِ هُوَ السَّبِيعِيُّ وَشَيْخُهُ صِلَةُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ هُوَ ابْنُ زُفَرَ يُكْنَى أَبَا الْعَلَاءِ كُوفِيٌّ عَبْسِيٌّ بِالْمُوَحَّدَةِ مِنْ رَهْطِ حُذَيْفَةَ.
قَوْلُهُ: قَالَ لِأَهْلِ نَجْرَانَ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي مَعَ شَرْحِهِ، وَقَوْلُهُ اسْتَشْرَفَ بِمُعْجَمَةٍ بَعْدَ مُهْمَلَةٍ أَيْ تَطَلَّعُوا إِلَيْهَا وَرَغِبُوا فِيهَا بِسَبَبِ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ.
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: حَدِيثُ أَنَسٍ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ تَقَدَّمَ أَيْضًا مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ.
الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ: حَدِيثُ عُمَرَ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ تَقَدَّمَ بَيَانُ اسْمِهِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَالْقَدْرُ الْمَذْكُورُ هُنَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ سَاقَهُ بِتَمَامِهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ التَّحْرِيمِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقْبَلُ خَبَرَ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ، وَقَوْلُهُ: وَإِذَا غِبْتُ وَشَهِدَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي وَشَهِدَهُ أَيْ حَضَرَ مَا يَكُونُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِقَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ أَنَّ كُلَّ صَاحِبٍ وَتَابِعٍ سُئِلَ عَنْ نَازِلَةٍ فِي الدِّينِ فَأَخْبَرَ السَّائِلَ بِمَا عِنْدَهُ فِيهَا مِنَ الْحُكْمِ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ لَا يَعْمَلَ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَسْأَلَ غَيْرَهُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسْأَلَ الْكَوَّافَ، بَلْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يُخْبِرُهُ بِمَا عِنْدَهُ فَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَى اتِّفَاقِهِمْ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ: حَدِيثُ عَلِيٍّ.
قَوْلُهُ: وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي وُجُوبِ طَاعَةِ الْأَمِيرِ فِيمَا فِيهِ طَاعَةٌ، لَا فِيمَا فِيهِ مَعْصِيَةٌ فِي أَوَائِلِ الْأَحْكَامِ. وَقَوْلُهُ فِيهِ: لَا طَاعَةَ فِي الْمَعْصِيَةِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي مَعْصِيَةٍ وَخَفِيَتْ مُطَابَقَةُ هَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ عَلَى ابْنِ التِّينِ فَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ مَا بَوَّبَ لَهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُطِيعُوهُ فِي دُخُولِ النَّارِ. قُلْتُ: لَكِنَّهُمْ كَانُوا مُطِيعِينَ لَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَبِهِ يَتِمُّ الْمُرَادُ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ أَوْرَدَهُ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ وَمِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي السَّنَدِ الْأَوَّلِ هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْمُحَارِبِينَ وَبَيَّنْتُ فِيهِ الَّذِي قَالَ وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ وَأَنَّهُ مَدْرَجٌ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ رَدَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْقُرْآنِ، مَا مُلَخَّصُهُ: السُّنَّةُ مَعَ الْقُرْآنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تُوَافِقَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَكُونَ مِنْ تَوَارُدِ الْأَدِلَّةِ.
ثَانِيهَا: أَنْ