للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هَبَّتْ لِتَعْذِلَنِي بِلَيْلٍ أَسْمَعِ … سَفَهًا تُبَيِّتُكِ الْمَلَامَةُ فَاهْجَعِي

وَأَغْرَبَ ابْنُ الْمُنِيرِ فَصَحَّفَ بَيَاتًا، فَجَعَلَهَا: نِيَامًا، بِنُونٍ وَمِيمٍ مِنَ النَّوْمِ فَصَارَتْ هَكَذَا: فَيُصَابُ الْوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ نِيَامًا لَيْلًا، ثُمَّ تَعَقَّبَهُ فَقَالَ: الْعَجَبُ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي التَّرْجَمَةِ نِيَامًا وَمَا هُوَ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا ضِمْنًا، إِلَّا أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُمْ إِذَا وَقَعَ بِهِمْ لَيْلًا كَانَ أَكْثَرُهُمْ نِيَامًا، لَكِنْ مَا الْحَاجَةُ إِلَى التَّقْيِيدِ بِالنَّوْمِ وَالْحُكْمُ سَوَاءٌ نِيَامًا كَانُوا أَوْ أَيْقَاظًا؟ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ قَتْلَهُمْ نِيَامًا أَدْخَلُ فِي الِاغْتِيَالِ مِنْ كَوْنِهِمْ أَيْقَاظًا، فَنَبَّهَ عَلَى جَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ انْتَهَى. وَقَدْ صَحَّفَ ثُمَّ تَكَلَّفَ.

وَمَعْنَى الْبَيَاتِ الْمُرَادِ فِي الْحَدِيثِ أَنْ يُغَارَ عَلَى الْكُفَّارِ بِاللَّيْلِ، بِحَيْثُ لَا يُمَيَّزُ بَيْنَ أَفْرَادِهِمْ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (فَسُئِلَ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ السَّائِلِ، ثُمَّ وَجَدْتُ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِسَنَدِهِ عَنِ الصَّعْبِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ أَنَقْتُلُهُمْ مَعَهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَظَهَرَ أَنَّ الرَّاوِيَ هُوَ السَّائِلُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَهْلِ الدَّارِ) أَيِ: الْمَنْزِلِ، هَكَذَا فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ مُسْلِمٍ: سُئِلَ عَنِ الذَّرَارِيِّ، قَالَ عِيَاضٌ: الْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ. وَوَجَّهَ النَّوَوِيُّ الثَّانِيَ، وَهُوَ وَاضِحٌ.

قَوْلُهُ: (هُمْ مِنْهُمْ) أَيْ: فِي الْحُكْمِ تِلْكَ الْحَالَةَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِبَاحَةَ قَتْلِهِمْ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ إِلَيْهِمْ، بَلِ الْمُرَادُ: إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْوُصُولُ إِلَى الْآبَاءِ إِلَّا بِوَطْءِ الذُّرِّيَّةِ، فَإِذَا أُصِيبُوا لِاخْتِلَاطِهِمْ بِهِمْ، جَازَ قَتْلُهُمْ.

قَوْلُهُ: (وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِأَبِي ذَرٍّ: فَسَمِعْتُهُ بِالْفَاءِ، وَالْأَوَّلُ أَوْضَحُ، وَقَوْلُهُ: لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الشُّرْبِ، وَقَوْلُهُ: وَعَنِ الزُّهْرِيِّ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ، وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَرَّتَيْنِ؛ مَرَّةً مُجَرَّدًا هَكَذَا وَمَرَّةً يَذْكُرُ فِيهِ سَمَاعَهُ إِيَّاهُ أَوَّلًا مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ، ثُمَّ يَذْكُرُ سَمَاعَهُ إِيَّاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ.

وَنُنَبِّهُ عَلَى نُكْتَةٍ فِي الْمَتْنِ، وَهِيَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ، وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: هُمْ مِنْهُمْ، وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَهُوَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: رَدَّدَهُ سُفْيَانُ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ مَرَّتَيْنِ.

وَقَوْلُهُ فِي سِيَاقِ هَذَا الْبَابِ: عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ، يُوهِمُ أَنَّ رِوَايَةَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ هَكَذَا بِطَرِيقِ الْإِرْسَالِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَبَّاسِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يُحَدِّثنَا قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ الْمَدِينَةَ الزُّهْرِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ، قَالَ سُفْيَانُ فَقَدِمَ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ فَسَمِعْتُهُ يُعِيدُهُ وَيُبْدِيهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَزَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي طَرِيقِ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ انْتَهَى، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِمَعْنَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَكَأَنَّ الزُّهْرِيَّ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى نَسْخِ حَدِيثِ الصَّعْبِ، وَقَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ بِحَالٍ حَتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْنٍ أَوْ سَفِينَةٍ وَجَعَلُوا مَعَهُمُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ، لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ وَلَا تَحْرِيقُهُمْ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي حَدِيثِ الصَّعْبِ زِيَادَةً فِي آخِرِهِ: ثُمَّ نَهَى عَنْهُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَهِيَ مُدْرَجَةٌ فِي حَدِيثِ الصَّعْبِ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ: ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَيُؤَيِّدُ كَوْنَ النَّهْيِ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ مَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ رِيَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ الْآتِي: فَقَالَ لِأَحَدِهِمْ: الْحَقْ خَالِدًا، فَقُلْ لَهُ: لَا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا، وَالْعَسِيفُ