للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: وَكَانَ الْفَضْلُ رَجُلًا وَضِيئًا - أَيْ: جَمِيلًا - وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ وَضِيئَةٌ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا.

قَوْلُهُ: (يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ وَالْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِذَقَنِ الْفَضْلِ فَدَفَعَ وَجْهَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: فَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: وَكَانَ الْفَضْلُ غُلَامًا جَمِيلًا، فَإِذَا جَاءَتِ الْجَارِيَةُ مِنْ هَذَا الشِّقِّ صَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، فَإِذَا جَاءَتْ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْهَا - وَقَالَ فِي آخِرِهِ - رَأَيْتُ غُلَامًا حَدَثًا وَجَارِيَةً حَدَثَةً، فَخَشِيتُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَهُمَا الشَّيْطَانُ

قَوْلُهُ: (إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَشُعَيْبٍ: أنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَجُّ وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَلَى أَنَّ السَّائِلَةَ كَانَتِ امْرَأَةً، وَأَنَّهَا سَأَلَتْ عَنْ أَبِيهَا، وَخَالَفَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، فَاتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَنْهُ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ رَجُلٌ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ، أَمَّا إِسْنَادُهُ فَقَالَ هُشَيْمٌ عَنْهُ: عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْهُ: عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْفَضْلِ أَخْرَجَهُمَا النَّسَائِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْهُ: عَنْ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي أَحَدُ ابْنَيِ الْعَبَّاسِ: إِمَّا الْفَضْلُ، وَإِمَّا عَبْدُ اللَّهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.

وَأَمَّا الْمَتْنُ فَقَالَ هُشَيْمٌ: أنَّ رَجُلًا سَأَلَ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي مَاتَ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ أُمِّي عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي أَوْ أُمِّي وَخَالَفَ الْجَمِيعَ مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ: إِنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَنْ أُمِّهَا وَهَذَا الِاخْتِلَافُ كُلُّهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي سِيَاقِ غَيْرِهِ، فَإِذَا كُرَيْبٌ قَدْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَوْفٍ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَجُّ وَإِذَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ قَدْ رَوَى عَنْ أَبِي الْغَوْثِ بْنِ حُصَيْنٍ الْخَثْعَمِيِّ أَنَّهُ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ عَنْ حَجَّةٍ كَانَتْ عَلَى أَبِيهِ أَخْرَجَهُمَا ابْنُ مَاجَهْ.

وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَقْوَى إِسْنَادًا، وَهَذَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ هُشَيْمٍ فِي أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ رَجُلٌ سَأَلَ عَنْ أَبِيهِ، وَيُوَافِقُهُ مَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ وَيُوَافِقُهُمَا مُرْسَلُ الْحَسَنِ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ لَمْ يَحُجَّ الْحَدِيثَ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عَوْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ السَّائِلَ سَأَلَ عَنْ أُمِّهِ.

قُلْتُ: وَهَذَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ ابْنِ سِيرِينَ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ أَنَّ السَّائِلَ رَجُلٌ، وَكَانَتِ ابْنَتُهُ مَعَهُ، فَسَأَلَتْ أَيْضًا، وَالْمَسْئُولُ عَنْهُ أَبُو الرَّجُلِ وَأُمُّهُ جَمِيعًا. وَيُقَرِّبُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ وَأَعْرَابِيٌّ مَعَهُ بِنْتٌ لَهُ حَسْنَاءُ، فَجَعَلَ الْأَعْرَابِيُّ يَعْرِضُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ رَجَاءَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، وَيَأْخُذُ النَّبِيُّ بِرَأْسِي فَيَلْوِيهِ، فَكَانَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّابَّةِ: إِنَّ أَبِي لَعَلَّهَا أَرَادَتْ بِهِ جَدَّهَا؛ لِأَنَّ أَبَاهَا كَانَ مَعَهَا، وَكَأَنَّهُ أَمَرَهَا أنْ تَسْأَلَ النَّبِيَّ لِيَسْمَعَ كَلَامَهَا وَيَرَاهَا رَجَاءَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَلَمَّا لَمْ يَرْضَهَا سَأَلَ أَبُوهَا عَنْ أَبِيهِ، وَلَا مَانِعَ أَنْ يَسْأَلَ أَيْضًا عَنْ أُمِّهِ. وَتَحَصَّلَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ اسْمَ الرَّجُلِ حُصَيْنُ بْنُ عَوْفٍ الْخَثْعَمِيُّ. وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ أَبُو الْغَوْثِ بْنُ حُصَيْنٍ فَإِنَّ إِسْنَادَهَا ضَعِيفٌ، وَلَعَلَّهُ كَانَ فِيهِ عَنْ أَبِي الْغَوْثِ حُصَيْنٍ فَزِيدَ فِي الرِّوَايَةِ ابْنُ، أَوْ أَنَّ أَبَا الْغَوْثِ أَيْضًا كَانَ مَعَ أَبِيهِ حُصَيْنٍ فَسَأَلَ كَمَا سَأَلَ أَبُوهُ وَأُخْتُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ، وَهُوَ