وَيَرِثُ مِنْهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ:، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلَا أُرَاهَا إِلَّا قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الْمَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ التَّلَاعُنِ فِي الْمَسْجِدِ) أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى خِلَافِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ أَوْ حَيْثُ شَاءَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنِ الْمُلَاعَنَةِ وَعَنِ السُّنَّةِ فِيهَا عَنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ) وَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ فِي أَوَّلِ الْإِسْنَادِ زِيَادَةٌ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ نَزَلَتْ فِي هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ فَذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ فَذَكَرَهُ، فَكَأَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَشَارَ إِلَى بَيَانِ الِاخْتِلَافِ فِي الَّذِي نَزَلَ ذَلِكَ فِيهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ مَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ مِنَ الْفَائِدَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ وَكَانَتْ حَامِلًا وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لِأُمِّهِ، قَالَ: ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي مِيرَاثِهَا أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُ مِنْهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا) هَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا أَقْوَالُ ابْنِ شِهَابٍ، وَهُوَ مَوْصُولٌ إِلَيْهِ بِالسَّنَدِ الْمُبْدَأِ بِهِ، وَقَدْ وَصَلَهُ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَهُ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلٍ، فَذَكَرَ قِصَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ مُخْتَصَرَةً وَفِيهِ فَفَارَقَهَا، فَكَانَتْ سُنَّةً أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَكَانَتْ حَامِلًا - إِلَى قَوْلِهِ - مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا، وَظَاهِرُه أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ سَهْلٍ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ اللِّعَانِ بَيْنَهُمَا وَقَعَ وَهِيَ حَامِلٌ، وَيَتَأَيَّدُ بِمَا فِي رِوَايَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ: أَمْسِكِ الْمَرْأَةَ عِنْدَكَ حَتَّى تَلِدَ، وَتَقَدَّمَ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ مُرْسَلِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَيْضًا التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمُبْدَأِ بِهِ.
قَوْلُهُ: (إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أُحَيْمِرَ بِالتَّصْغِيرِ، وَفِي مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَشْقَرَ قَالَ ثَعْلَبٌ: الْمُرَادُ بِالْأَحْمَرِ الْأَبْيَضُ، لِأَنَّ الْحُمْرَةَ إِنَّمَا تَبْدُو فِي الْبَيَاضِ، قَالَ: وَالْعَرَبُ لَا تُطْلِقُ الْأَبْيَضَ فِي اللَّوْنِ وَإِنَّمَا تَقُولُهُ فِي نَعْتِ الطَّاهِرِ وَالنَّقِيِّ وَالْكَرِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُهْمَلَةِ: دُوَيْبَةٌ تَتَرَامَى عَلَى الطَّعَامِ وَاللَّحْمِ فَتُفْسِدُهُ، وَهِيَ مِنْ نَوْعِ الْوَزَغِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا أَرَاهَا إِلَّا صَدَقَتْ) فِي رِوَايَةِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فَهُوَ لِأَبِيهِ الَّذِي انْتَفَى مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ) أَيْ عَظِيمَتَيْنِ، وَيُوَضِّحُهُ مَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الْمَذْكُورَةِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ الْمَاضِيَةِ فِي التَّفْسِيرِ وَزَادَ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ وَالدَّعَجُ شِدَّةُ سَوَادِ الْحَدَقَةِ وَالْأَعْيَنُ الْكَبِيرُ الْعَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ وَلَدَتْهُ قَطَطَ الشَّعْرِ أَسْوَدَ اللِّسَانِ فَهُوَ لِابْنِ سَحْمَاءَ وَالْقَطَطُ تَفَلْفُلُ الشَّعْرِ.
قَوْلُهُ: (فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الْمَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ) فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ وَفِي رِوَايَةِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَةِ قَالَ عَاصِمٌ: فَلَمَّا وَقَعَ أَخَذْتُهُ إِلَيَّ فَإِذَا رَأْسُهُ مِثْلُ فَرْوَةِ الْحَمَلِ الصَّغِيرِ، ثُمَّ أَخَذْتُ بِفَقْمَيْهِ فَإِذَا هُوَ مِثْلُ النَّبْعَةِ، وَاسْتَقْبَلَنِي لِسَانُهُ أَسْوَدَ مِثْلَ التمَرَةِ فَقُلْتُ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَالْحَمَلُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ وَلَدُ