النَّقَّاشِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ كِتَابِ الْمُحَارِبِينَ شَيْءٌ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ قِصَّةُ إِسْلَامِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَحْبَارِ كَزَيْدِ بْنِ سَعَنةَ مُطَوَّلًا. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ يَهُودِيًّا سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ سُورَةَ يُوسُفَ فَجَاءَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ فَأَسْلَمُوا كُلُّهُمْ، لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونُوا أَحْبَارًا، وَحَدِيثُ مَيْمُونِ بْنِ يَامِينَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ. وَأَخْرَجَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: قَالَ كَعْبٌ: إِنَّمَا الْحَدِيثَ اثْنَا عَشَرَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾ فَسَكَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: أَبُو هُرَيْرَةَ عِنْدَنَا أَوْلَى مِنْ كَعْبٍ، قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ: وَكَعْبٌ أَيْضًا صَدُوقٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَشَرَةٌ بَعْدَ الِاثْنَيْنِ وَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامِ وَمُخَيْرِيقُ، كَذَا قَالَهُ وَهُوَ مَعْنَوِيٌّ. الْحَدِيثُ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ أَوْ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) بِالتَّصْغِيرِ، وَفِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُكَبَّرٌ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ، وَاسْمُ جَدِّهِ سُهَيْلٌ وَهُوَ الْغُدَانِيُّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ، شَكَّ الْبُخَارِيُّ فِي اسْمِهِ هُنَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي التَّارِيخِ فِيمَنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ بِغَيْرِ شَكٍّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي مُوسَى) وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ وَهُوَ غَلَطٌ.
قَوْلُهُ: (دَخَلَ النَّبِيُّ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ قَدِمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الصِّيَامِ.
قَوْلُهُ: (لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ) اسْتُشْكِلَ هَذَا لِأَنَّ قُدُومَهُ ﷺ إِنَّمَا كَانَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عِلْمُهُ بِذَلِكَ تَأَخَّرَ إِلَى أَنْ دَخَلَتِ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ، قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِيَامُهُمْ كَانَ عَلَى حِسَابِ الْأَشْهُرِ الشَّمْسِيَّةِ فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقَعَ عَاشُورَاءُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ بِالْكُلِّيَّةِ، هَكَذَا قَرَّرَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ قَالَ: وَصِيَامُ أَهْلِ الْكِتَابِ إِنَّمَا هُوَ بِحِسَابِ سَيْرِ الشَّمْسِ. قُلْتُ: وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ رَفْعِ الْإِشْكَالِ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إِشْكَالٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَصُومُوا عَاشُورَاءَ بِالْحِسَابِ.
وَالْمَعْرُوفُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ عَصْرٍ فِي صِيَامِ عَاشُورَاءَ أَنَّهُ فِي الْمُحَرَّمِ لَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ، نَعَمْ وَجَدْتُ فِي الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لَيْسَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ بِالْيَوْمِ الَّذِي يَقُولُ النَّاسُ، إِنَّمَا كَانَ يَوْمٌ تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ وَتُقَلَّسُ فِيهِ الْحَبَشَةُ، وَكَانَ يَدُورُ فِي السَّنَةِ، وَكَانَ النَّاسُ يَأْتُونَ فُلَانًا الْيَهُودِيَّ يَسْأَلُونَهُ، فَلَمَّا مَاتَ أَتَوْا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَسَأَلُوهُ فَعَلَى هَذَا فَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنْ تَقُولَ: كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ رَدَّهُ إِلَى حُكْمِ شَرْعِهِ وَهُوَ الِاعْتِبَارُ بِالْأَهِلَّةِ فَأَخَذَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ، لَكِنْ فِي الَّذِي ادَّعَاهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَبْنُونَ صَوْمَهُمْ عَلَى حِسَابِ الشَّمْسِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْيَهُودَ لَا يَعْتَبِرُونَ فِي صَوْمِهِمْ إِلَّا بِالْأَهِلَّةِ، هَذَا الَّذِي شَاهَدْنَاهُ مِنْهُمْ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ كَانَ يَعْتَبِرُ الشُّهُورَ بِحِسَابِ الشَّمْسِ لَكِنْ لَا وُجُودَ لَهُ الْآنَ، كَمَا انْقَرَضَ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ إِشْكَالٌ آخَرُ سَبَقَ الْجَوَابُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ.
قَوْلُهُ: (فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ ثُمَّ أَمَرَ بِصَوْمِهِ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ (أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَسْدِلُ شَعْرَهُ) أَيْ يُرْخِيهِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرْ مَنْ فَوْقَهُ، وَأَغْرَبَ حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ فَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَخْطَأَ فِيهِ حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ وَالْمَحْفُوظُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَفْرُقُونَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ فَرَقَ النَّبِيُّ ﷺ رَأْسَهُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ الْخَفِيفَةِ، وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ ﷺ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُوَافِقُ أَهْلَ الْكِتَابِ إِذَا خَالَفُوا عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ أَخْذًا بِأَخَفِّ الْأَمْرَيْنِ، فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ