أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَ بَعْضَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنْ رَجُلٍ وَاقِفٍ عَلَى دَابَّتِهِ فَضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا، فَقَالَ: يَضْمَنُ، وَقَالَ حَمَّادٌ: لَا يَضْمَنُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ شُرَيْحٌ) هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ الْقَاضِي الْمَشْهُورُ.
قَوْلُهُ: (لَا يَضْمَنُ مَا عَاقَبَتْ) أَيِ الدَّابَّةُ (أَنْ يَضْرِبَهَا فَتَضْرِبَ بِرِجْلِهَا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: يَضْمَنُ السَّائِقَ وَالرَّاكِبَ وَلَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ إِذَا عَاقَبَتْ، قُلْتُ: وَمَا عَاقَبَتْ قَالَ: إِذَا ضَرَبَهَا رَجُلٌ فَأَصَابَتْهُ، وَأَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَزَادَ: أَوْ رَأْسُهَا إِلَّا أَنْ يَضْرِبَهَا رَجُلٌ فَتُعَاقِبَهُ فَلَا ضَمَانَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَكَمُ) أَيِ ابْنُ عُتَيْبَةَ بِمُثَنَّاةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ هُوَ الْكُوفِيُّ أَحَدُ فُقَهَائِهِمْ (وَحَمَّادٌ) هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ أَحَدُ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (إِذَا سَاقَ الْمُكَارِي) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (حِمَارًا عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَتَخِرُّ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةٌ أَيْ تَسْقُطُ.
قَوْلُهُ: (لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا ضَمَانَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ إِذَا سَاقَ دَابَّةً فَأَتْعَبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ وَإِنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلًا لَمْ يَضْمَنْ) وَصَلَهَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَامِرٍ وَهُوَ الشَّعْبِيُّ قَالَ: إِذَا سَاقَ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ وَأَتْعَبَهَا فَأَصَابَتْ إِنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ، فَإِنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلًا أَيْ يَمْشِي عَلَى هِينَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ فِيمَا أَصَابَتْ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ فِيمَا أَصَابَتِ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا فَقَالُوا: لَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ بِرِجْلِهَا وَذَنَبِهَا وَلَوْ كَانَتْ بِسَبَبٍ، وَيَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا وَفَمِهَا، فَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى الرَّدِّ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ.
وَقَدِ احْتَجَّ لَهُمُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنَ الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ بِخِلَافِ الْيَدِ وَالْفَمِ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ: الرِّجْلُ جُبَارٌ وَقَدْ غَلَّطَهُ الْحُفَّاظُ، وَلَوْ صَحَّ فَالْيَدُ أَيْضًا جُبَارٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الرِّجْلِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ هِيَ مَعَهُ مُبَاشَرَةٌ وَلَا تَسَبُّبٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ حَدِيثُ الرِّجْلُ جُبَارٌ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ؛ لِأَنَّهَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَجْمَاءِ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِتَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْمَفْهُومِ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ زِيَادَةٌ وَالرِّجْلُ جُبَارٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ آدَمَ، عَنْ شُعْبَةَ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ آدَمُ، عَنْ شُعْبَةَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ وَهْمٌ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ، فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: لَا يَضْمَنُ الرَّاكِبُ وَالْقَائِدُ فِي الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ إِلَّا إِنْ أَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ، وَأَمَّا السَّائِقُ فَقِيلَ: ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا لِأَنَّ النَّفْحَةَ بِمَرْأَى عَيْنِهِ فَيُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا، وَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ لَا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ وَإِنْ كَانَ يَرَاهَا؛ إِذْ لَيْسَ عَلَى رِجْلِهَا مَا يَمْنَعُهَا بِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْفَمِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُهَا بِاللِّجَامِ، وَكَذَا قَالَ الْحَنَابِلَةُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ) هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادَةَ هُوَ الْجُمَحِيُّ، وَالسَّنَدُ بَصْرِيُّونَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادَةَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ.
قَوْلُهُ: (الْعَجْمَاءُ عَقْلُهَا جُبَارٌ) فِي رِوَايَةِ حَامِدٍ الْبَلْخِيِّ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ شُعْبَةَ: جَرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ، أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْعَلَاءِ عِنْدَ مُسْلِمٍ: الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ وَكَذَا فِي حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عِنْدَهُ، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: وَلَيْسَ ذِكْرُ الْجَرْحِ قَيْدًا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ إِتْلَافُهَا بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ سَوَاءٌ كَانَ بِجَرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَقْلِ الدِّيَةُ أَيْ لَا دِيَةَ فِيمَا تُتْلِفُهُ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ مَنْ قَالَ: لَا ضَمَانَ فِيمَا أَتْلَفَتِ الْبَهِيمَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً أَوْ مَعَهَا أَحَدٌ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبَهَا أَوْ سَائِقَهَا أَوْ قَائِدَهَا، وَهُوَ قَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ، وَاسْتَثْنَوْا مَا إِذَا كَانَ الْفِعْلُ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ بِأَنْ حَمَلَهَا عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ إِذَا كَانَ رَاكِبًا كَأَنْ يَلْوِيَ عِنَانَهَا فَتُتْلِفَ