٦٦٩٣ - حَدَّثَنَا خَلَادُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ "عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ النَّذْرِ وَقَالَ "إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ"
٦٦٩٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قال النبي ﷺ: "لَا يَأْتِي ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَهُ وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ إِلَى الْقَدَرِ قَدْ قُدِّرَ لَهُ فَيَسْتَخْرِجُ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ فَيُؤْتِي عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِي عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ"
قَوْلُهُ: (بَابُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ)، أَيْ: حُكْمُهُ أَوْ فَضْلُهُ
قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ اللَّهِ - تَعَالَى -: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَفَاءَ بِهِ قُرْبَةٌ لِلثَّنَاءِ عَلَى فَاعِلِهِ، لَكِنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِنَذْرِ الطَّاعَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ قَالَ: إِذَا نَذَرُوا فِي طَاعَةِ اللَّهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: النَّذْرُ مِنَ الْعُقُودِ الْمَأْمُورِ بِالْوَفَاءِ بِهَا الْمُثْنَى عَلَى فَاعِلِهَا، وَأَعْلَى أَنْوَاعِهِ مَا كَانَ غَيْرَ مُعَلَّقٍ عَلَى شَيْءٍ كَمَنْ يُعَافَى مِنْ مَرَضٍ، فَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ كَذَا أَوْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَلِيهِ الْمُعَلَّقُ عَلَى فِعْلِ طَاعَةٍ، كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي صُمْتُ كَذَا أَوْ صَلَّيْتُ كَذَا، وَمَا عَدَا هَذَا مِنْ أَنْوَاعِهِ كَنَذْرِ اللَّجَاجِ كَمَنْ يَسْتَثْقِلُ عَبْدَهُ فَيَنْذُرُ أَنْ يُعْتِقَهُ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ صُحْبَتِهِ فَلَا يَقْصِدُ الْقُرْبَةَ بِذَلِكَ، أَوْ يَحْمِلُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَنْذُرُ صَلَاةً كَثِيرَةً أَوْ صَوْمًا مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَيَتَضَرَّرُ بِفِعْلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ، وَقَدْ يَبْلُغُ بَعْضُهُ التَّحْرِيمَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ) هُوَ الْوُحَاظِيُّ بِضَمِّ الْوَاوِ وَتَخْفِيفِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ ظَاءٌ مُعْجَمَةٌ.
قَوْلُهُ (سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ.
قَوْلُهُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: أَوَلَمْ يُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ؟ كَذَا فِيهِ، وَكَأَنَّهُ اخْتَصَرَ السُّؤَالَ، فَاقْتَصَرَ عَلَى الْجَوَابِ، وَقَدْ بَيَّنَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، مِنْ طَرِيقِ الْمُعَافَى بْنِ سُلَيْمَانَ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ، وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَا: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَأَتَاهُ مَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ ابْنِي كَانَ مَعَ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ بِأَرْضِ فَارِسٍ فَوَقَعَ فِيهَا وَبَاءٌ وَطَاعُونٌ شَدِيدٌ، فَجَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي، لَئِنْ سَلَّمَ اللَّهُ ابْنِي لَيَمْشِيَنَّ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَقَدِمَ عَلَيْنَا وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ مَاتَ فَمَا تَقُولُ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَوَلَمْ تُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ؟ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ، وَزَادَ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ. وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّمَا نَذَرْتُ أَنْ يَمْشِيَ ابْنِي، فَقَالَ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ: فَقُلْتُ لَهُ: أَتَعْرِفُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ لَهُ: اذْهَبْ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَخْبِرْنِي مَا قَالَ لَكَ، قَالَ: فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَالَ لَهُ: امْشِ عَنِ ابْنِكَ. قُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، وَتَرَى ذَلِكَ مَقْبُولًا؟ قَالَ: نَعَمْ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى ابْنِكَ دَيْنٌ لَا قَضَاءَ لَهُ فَقَضَيْتَهُ أَكَانَ ذَلِكَ مَقْبُولًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَهَذَا مِثْلُ هَذَا انْتَهَى.
وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ كُنْيَةُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي النَّوْعِ السَّادِسِ وَالسِّتِّينَ مِنَ الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ مُتَابِعًا لِفُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ بِتَمَامِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يُسَمِّ الرَّجُلَ، وَفِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمَّا قَالَ لَهُ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ. قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنَّمَا نَذَرْتُ أَنْ يَمْشِيَ ابْنِي وَإِنَّ ابْنِي قَدْ مَاتَ، فَقَالَ لَهُ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ، كَرَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ: أَوَلَمْ تُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ. قَالَ سَعِيدٌ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ لَهُ: انْطَلِقْ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَسِيَاقُ الْحَاكِمِ نَحْوُهُ وَأَخْصَرُ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute