امْرَأَتَهُ فَيَسْتَحِي، أَوْ يَتَخَلَّى فَيَسْتَحِي، فَنَزَلَتْ: أَلَا إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ.
٤٦٨٣ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾ وَقَالَ غَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿يَسْتَغْشُونَ﴾ يُغَطُّونَ رُءُوسَهُمْ. ﴿سِيءَ بِهِمْ﴾ سَاءَ ظَنُّهُ بِقَوْمِهِ. ﴿وَضَاقَ بِهِمْ﴾ بِأَضْيَافِهِ. ﴿بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ بِسَوَادٍ. ﴿وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ أَرْجِعُ.
قوله: (باب ﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ سقط باب للأكثر.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ) هَكَذَا رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَتَابَعَهُ حَجَّاجٌ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ.
قَوْلُهُ: (أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ ﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ﴾ يَعْنِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِتَحْتَانِيَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ بِفَوْقَانِيَّةٍ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ النُّونِ بَعْدَهَا يَاءٌ عَلَى وَزْنِ تُفْعَوْعَلٍ، وَهُوَ بِنَاءُ مُبَالَغَةٌ كَاعْشَوْشَبَ، لَكِنْ جُعِلَ الْفِعْلُ لِلصُّدُورِ، وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ، لِعَنْتَرَةَ:
وَقَوْلُكَ لِلشَّيْءِ الَّذِي لَا تَنَالُهُ … إِذَا مَا هُوَ احْلَوْلى أَلَا لَيْتَ ذَا لِيَا
وَحَكَى أَهْلُ الْقِرَاءَاتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ قِرَاءَاتٍ أُخْرَى وَهِيَ يَثْنَوِنَّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مِنَ الثَّنْيِ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالنُّونِ وَهُوَ مَا هَشَّ وَضَعُفَ مِنَ النَّبَاتِ، وَقِرَاءَةٌ ثَالِثَةٌ عَنْهُ أَيْضًا بِوَزْنِ يَرْعَوِي، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ غَلَطٌ إِذْ لَا يُقَالُ ثَنَوْتُهُ فَانْثَوَى كَرَعَوْتُهُ فَارْعَوَى. قُلْتُ: وَفِي الشَّوَاذِّ قِرَاءَاتٌ أُخْرَى لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ بَسْطَهَا.
قَوْلُهُ: (أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَخِفُّونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا) أَيْ أَنْ يَقْضُوا الْحَاجَةَ فِي الْخَلَاءِ وَهُمْ عُرَاةٌ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ رَوَى يَتَحَلَّوْا بِالْمُهْمَلَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي الْقَابِسِيَّ أَنَّهُ أَحْسَنَ أَيْ يَرْقُدُ عَلَى حَلَاوَةِ قَفَاهُ. قُلْتُ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ: كَانُوا لَا يَأْتُونَ النِّسَاءَ وَلَا الْغَائِطَ إِلَّا وَقَدْ تَغَشَّوْا بِثِيَابِهِمْ كَرَاهَةَ أَنْ يُفْضُوا بِفُرُوجِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ.
قَوْلُهُ: (فِي رِوَايَةِ عَمْرٍو) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ (قَالَ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ ضَبْطَ أَوَّلِهِ بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ وَبِنُونِ آخِرِهِ وَصُدُورَهُمْ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ، كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِأَبِي ذَرٍّ كَالَّذِي قَبْلَهُ، وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ يَثْنُونِي أَوَّلُهُ تَحْتَانِيَّةٌ وَآخِرُهُ تَحْتَانِيَّةٌ أَيْضًا، وَزَادَ وَعَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ) أَيْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (يَسْتَغْشُونَ يُغَطُّونَ رُءُوسَهُمْ) الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ يَعُودُ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَقَدْ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَتَفْسِيرُ التَّغَشِّي بِالتَّغْطِيَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَتَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالرَّأْسِ يَحْتَاجُ إِلَى تَوْقِيفٍ، وَهَذَا مَقْبُولٌ مِنْ مِثْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يُقَالُ مِنْهُ اسْتَغْشَى بِثَوْبِهِ وَتَغَشَّاهُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَتَارَةً أَتَغَشَّى فَضْلَ أَطْمَارِي
قَوْلُهُ: ﴿سِيءَ بِهِمْ﴾ سَاءَ ظَنُّهُ بِقَوْمِهِ وَضَاقَ بِهِمْ بِأَضْيَافِهِ) هُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا﴾ سَاءَ ظَنًّا بِقَوْمِهِ وَضَاقَ ذَرْعًا بِأَضْيَافِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الضَّمِيرَيْنِ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى اتِّحَادِهِمَا. وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ قَالَ: سَاءَهُ مَكَانُهُمْ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْجَمَالِ.
قَوْلُهُ: ﴿بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ بِسَوَادٍ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْنَاهُ بِبَعْضٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ بِطَائِفَةٍ مِنَ اللَّيْلِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ إِلَيْهِ أُنِيبُ أَرْجِعُ)