للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَكَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَسَقَطَ لِأَبِي ذَرٍّ نِسْبَتُهُ إِلَى مُجَاهِدٍ فَأَوْهَمَ أَنَّهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا قَبْلَهُ، وَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا، وَوَقَعَ لِلْأَكْثَرِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ: بَابٌ ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾، قوله سِجِّيلٌ: الشَّدِيدُ الْكَبِيرُ، سِجِّيلٌ وَسِجِّينٌ واحد، وَاللَّامُ وَالنُّونُ أُخْتَانِ، وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:

وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ ضَاحِيَةً … ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الْأَبْطَالُ سِجِّينَا.

هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ﴾ هُوَ الشَّدِيدُ مِنَ الْحِجَارَةِ الصَّلْبِ، وَمِنَ الضَّرْبِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ، فَذَكَرَهُ. قَالَ: وَقَوْلُهُ سِجِّيلًا أَيْ شَدِيدًا، وَبَعْضُهُمْ يُحَوِّلُ اللَّامَ نُونًا. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: السِّجِّيلُ الشَّدِيدُ الْكَثِيرُ. وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ قُتَيْبَةٍ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْنَى السِّجِّيلُ الشَّدِيدُ لَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ وَكَانَ يَقُولُ حِجَارَةً سِجِّيلًا لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ حِجَارَةٌ مِنْ شَدِيدٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ حُذِفَ. وَأَنْشَدَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ فَأَبْدَلَ قَوْلَهُ ضَاحِيَةً بِقَوْلِهِ عَنْ عُرُضٍ وَهُوَ بِضَمَّتَيْنِ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ، وَسَيَأْتِي قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الْكَلِمَةَ فَارِسِيَّةٌ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفِيلِ، وَقَدْ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا فَارِسِيَّةٌ فَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ فَصَارَتْ، وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ لِسَمَاءِ الدُّنْيَا، وَقِيلَ بَحْرٌ مُعَلَّقٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ نَزَلَتْ مِنْهُ الْحِجَارَةُ، وَقِيلَ هِيَ جِبَالٌ فِي السَّمَاءِ.

(تَنْبِيهٌ):

تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ هُوَ ابْنُ خُبَيْبِ بْنِ عَوْفِ بْنِ قُتَيْبَةَ بْنِ الْعَجْلَانِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ الْعَجْلَانِيُّ، شَاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَكَانَ أَعْرَابِيًّا جَافِيًا، وَلَهُ قِصَّةٌ مَعَ عُمَرَ، ذَكَرَهُ الْمَرْزُبَانِيُّ وَرَجْلَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا عَلَى تَقْدِيرِ ذَوِي رِجْلَةٍ وَالْجِيمُ سَاكِنَةٌ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ فِي هَذَا الْحَاءَ الْمُهْمَلَةَ، وَالْبَيْضُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ بَيْضَةٍ وَهِيَ الْخُوذَةُ، أَوْ بِكَسْرِهَا جَمْعُ أَبْيَضَ وَهُوَ السَّيْفُ فَعَلَى الْأَوَّلُ الْمُرَادُ مَوَاضِعُ الْبِيضِ وَهِيَ الرُّءُوسُ، وَعَلَى الثَّانِي الْمُرَادُ يَضْرِبُونَ بِالْبِيضِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ. وَضَاحِيَةٌ أَيْ ظَاهِرَةٌ، أَوِ الْمُرَادُ فِي وَقْتِ الضَّحْوَةِ. وَتَوَاصَى أَصْلُهُ تَتَوَاصَى فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَرُوِيَ تَوَاصَتْ بِمُثَنَّاةِ بَدَلَ التَّحْتَانِيَّةِ فِي آخِرِهِ، وَقَوْلُهُ سِجِّينًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ، قَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْمُظَفَّرِ: هُوَ فَعِيلٌ مِنَ السَّجْنِ كَأَنَّهُ يُثَبِّتُ مَنْ وَقَعَ فِيهِ فَلَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ، وَعَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ رَوَاهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَدَلَ الْجِيمِ أَيْ ضَرْبًا حَارًّا.

قَوْلُهُ: ﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ﴾ جَعَلَكُمْ عُمَّارًا، أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهِيَ عُمْرَى) سَقَطَ هَذَا لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ.

قَوْلُهُ: ﴿نَكِرَهُمْ﴾ وَأَنْكَرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَنْشَدَ:

وَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ

قَوْلُهُ: ﴿حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ مَحْمُودٍ مِنْ حَمِدَ) كَذَا وَقَعَ هُنَا، وَالَّذِي فِي كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ: حَمِيدٌ مَجِيدٌ أَيْ مَحْمُودٌ مَاجِدٌ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَالْحَمِيدُ فَعِيلٌ مِنْ حَمِدَ فَهُوَ حَامِدٌ أَيْ يَحْمَدُ مَنْ يُطِيعُهُ، أَوْ هُوَ حَمِيدٌ بِمَعْنَى مَحْمُودٌ، وَالْمَجِيدُ فَعِيلٌ مِنْ مَجُدَ بِضَمِّ الْجِيمِ يَمْجُدُ كَشَرُفَ يَشْرُفُ وَأَصْلُهُ الرِّفْعَةُ.

قَوْلُهُ: (إِجْرَامِيٌّ مَصْدَرُ أَجْرَمَتْ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ جَرَمْتُ) هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَنْشَدَ:

طَرِيدُ عَشِيرَةٍ وَرَهِينُ ذَنْبٍ … بِمَا جَرَمَتْ يَدِي وَجَنَى لِسَانِي

وَجَرَمَتْ بِمَعْنَى كَسَبَتْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (الْفُلْكُ وَالْفَلَكُ وَاحِدٌ وَهِيَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ) كَذَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ بِضَمِّ الْفَاءِ فِيهِمَا وَسُكُونِ اللَّامِ فِي الْأُولَى وَفَتْحِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَلِآخَرِينَ بِفَتْحَتَيْنِ فِي الْأَوَّلِ وَبِضَمٍّ ثُمَّ سُكُونٍ فِي الثَّانِيَةِ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ التِّينِ وَقَالَ: الْأَوَّلُ وَاحِدٌ وَالثَّانِي جَمْعٌ مِثْلُ أَسَدٍ وَأُسْدٍ، قالَ عِيَاضٌ: وَلِبَعْضِهِمْ بِضَمِّ ثُمَّ سُكُونٍ فِيهِمَا