للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ، فَبَايِعُوا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمُوا.

٦٢٠٨ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ؟ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ. قَالَ: نَعَمْ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، لَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ كُنْيَةِ الْمُشْرِكِ)؛ أَيْ: هَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً؟ وَهَلْ إِذَا كَانَتْ لَهُ كُنْيَةٌ تَجُوزُ مُخَاطَبَتُهُ أَوْ ذِكْرُهُ بِهَا؟ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ مُطَابِقَةٌ لِهَذَا الْأَخِيرِ، وَيَلْتَحِقُ بِهِ الثَّانِي فِي الْحُكْمِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مِسْوَرٌ) هُوَ ابْنُ مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيُّ، كَذَا لِلْجَمِيعِ إِلَّا النَّسَفِيَّ فَسَقَطَ هَذَا التَّعْلِيقُ مِنْ رِوَايَتِهِ، وَوَقَعَ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي بَابِ فَرْضِ الْخُمُسِ.

قَوْلُهُ: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى السَّنَدِ الَّذِي قَبْلَهُ وَسَاقَ الْمَتْنَ عَلَى لَفْظِهِ، وَسُلَيْمَانُ هُوَ ابْنُ بِلَالٍ، وَقَوْلُهُ: عَنْ عُرْوَةَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَتَقَدَّمَ سِيَاقُ لَفْظِ شُعَيْبٍ فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ مَعَ شَرْحِ الْحَدِيثِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ، وَهِيَ كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَكَانَ حِينَئِذٍ لَمْ يُظْهِرِ الْإِسْلَامَ كَمَا هُوَ بَيِّنٌ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ، وَظَاهِرٌ فِي آخِرِهِ.

ثم ذَكَرَ حَدِيثَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي التَّرْجَمَةِ النَّبَوِيَّةِ قُبَيْلَ الْإِسْرَاءِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِإِيرَادِهِ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ وَهَذَا سَمِعَهُ وَأَقَرَّهُ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ تَكْنِيَةُ الْكَافِرِ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ ذَكَرَهُمَا: وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ أَبِي طَالِبٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾

ثم ذكر الحديث الثاني وقَوْلُهُ فِيهِ: (أَبُو حُبَابٍ)، قَالَ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إِذَا وُجِدَ فِيهِ الشَّرْطُ، وَهُوَ أَنْ لَا يُعْرَفَ إِلَّا بِكُنْيَتِهِ أَوْ خِيفَ مِنْ ذِكْرِ اسْمِهِ فِتْنَةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ فَسَمَّاهُ بِاسْمِهِ وَلَمْ يُكَنِّهِ وَلَا لَقَّبَهُ بِلَقَبِهِ وَهُوَ قَيْصَرُ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِالْإِغْلَاظِ عَلَيْهِمْ فَلَا نُكَنِّيهِمْ وَلَا نُلِينُ لَهُمْ قَوْلًا، وَلَا نُظْهِرُ لَهُمْ وُدًّا، وَقَدْ تَعَقَّبَ كَلَامَهُ بِأَنَّهُ لَا حَصْرَ فِيمَا ذَكَرَ بَلْ قِصَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فِي ذِكْرِهِ بِكُنْيَتِهِ دُونَ اسْمِهِ وَهُوَ بِاسْمِهِ أَشْهَرُ لَيْسَ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، فَإِنَّ الَّذِي ذُكِرَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ كَانَ قَوِيًّا فِي الْإِسْلَامِ فَلَا يُخْش ى مَعَهُ أَنْ لَوْ ذُكِرَ عَبْدُ اللَّهِ بِاسْمِهِ أَنْ يَجُرَّ بِذَلِكَ فِتْنَةً، وَإِنَّمَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأَلُّفِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ بَطَّالٍ فَقَالَ: فِيهِ جَوَازُ تَكْنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى وَجْهِ التَّأَلُّفِ إِمَّا رَجَاءَ إِسْلَامِهِمْ أَوْ لِتَحْصِيلِ مَنْفَعَةٍ مِنْهُمْ، وَأَمَّا تَكْنِيَةُ أَبِي طَالِبٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنَ الْقَبِيلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ اشْتِهَارُهُ بِكُنْيَتِهِ دُونَ اسْمِهِ، وَأَمَّا تَكْنِيَةُ أَبِي لَهَبٍ فَقَدْ أَشَارَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ إِلَى احْتِمَالٍ رَابِعٍ وَهُوَ اجْتِنَابُ نِسْبَتِهِ إِلَى عُبُودِيَّةِ الصَّنَمِ لِأَنَّهُ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الْعُزَّى، وَهَذَا سَبَقَ إِلَيْهِ ثَعْلَبٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ بَطَّالٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا ذُكِرَ بِكُنْيَتِهِ دُونَ اسْمِهِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾ قِيلَ: وَإِنَّ تَكْنِيَتَهُ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ التَّجْنِيسِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْبَلَاغَةِ أَوِ الْمُجَازَاةِ، أُشِيرَ إِلَى أَنَّ الَّذِي نَفْخَرُ بِهِ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْجَمَالِ

وَالْوَلَدِ كَانَ سَبَبًا فِي خِزْيهِ وَعِقَابِهِ. وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَمَنِينَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ اسْمُ أَبِي لَهَبٍ عَبْدَ الْعُزَّى وَكُنْيَتُهُ أَبُو