للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَهُ مَا صَلَّى، وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بالليل وِتْرًا، فَإِنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ بِهِ.

٤٧٣ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ، قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَجُلًا نَادَى النَّبِيَّ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ.

٤٧٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فَجَلَسَ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ الثَّلَاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَى فَاسْتَحْيَى اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ.

[الحديث ٤٧٢ - أطرافه في: ١١٣٧، ٩٩٥، ٩٩٣، ٩٩٠، ٤٧٣]

قَوْلُهُ: (بَابُ الْحَلَقِ) بِفَتْحِ الْمُهْمِلَةِ، وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَاللَّامُ مَفْتُوحَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ: جَمْعُ حَلْقَةٍ بِإِسْكَانِ اللَّامِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَحُكِيَ فَتْحُهَا أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (سَأَلَ رَجُلٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ.

قَوْلُهُ: (مَا تَرَى) أَيْ مَا رَأْيُكَ؟ مِنَ الرَّأْيِ، وَمِنَ الرُّؤْيَةِ بِمَعْنَى الْعِلْمِ.

و (مَثْنَى مَثْنَى) بِغَيْرِ تَنْوِينٍ أَيْ: اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ، وَكُرِّرَ تَأْكِيدًا.

قَوْلُهُ: (فَأَوْتَرَتْ) بِفَتْحِ الرَّاءِ، أَيْ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَقَائِلُ ذَلِكَ هُوَ نَافِعٌ، وَالضَّمِيرُ لِابْنِ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (بِاللَّيْلِ) هِيَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَالْأَصِيلِيِّ فَقَطْ.

قَوْلُهُ فِي طَرِيقِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ (تُوتِرْ) بِالْجَزْمِ جَوَابًا لِلْأَمْرِ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَزَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ، وَالْأَصِيلِيُّ لَكَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ) هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ، وَهُوَ بِمَعْنَى حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي كُتَّابِ الْوِتْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا التَّعْلِيقِ بَيَانَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ لِيَتِمَّ لَهُ الِاسْتِدْلَالُ لِمَا تَرْجَمَ لَهُ. وَقَدِ اعْتَرَضَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ: لَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ دَلَالَةٌ عَلَى الْحَلَقِ وَلَا عَلَى الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ بِحَالٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَوْنَهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ صَرِيحٌ مِنْ هَذَا الْمُعَلَّقِ، وَأَمَّا التَّحَلُّقُ فَقَالَ الْمُهَلَّبُ: شَبَّهَ الْبُخَارِيُّ جُلُوسَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ حَوْلَ النَّبِيِّ وَهُوَ يَخْطُبُ بِالتَّحَلُّقِ حَوْلَ الْعَالِمِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ إِلَّا وَعِنْدَهُ جَمْعٌ جُلُوسٌ مُحْدِقِينَ بِهِ كَالْمُتَحَلِّقِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ يَتَعَلَّقُ بِأَحَدِ رُكْنَيِ التَّرْجَمَةِ وَهُوَ الْجُلُوسُ، وَحَدِيثُ أَبِي وَاقِدٍ يَتَعَلَّقُ بِالرُّكْنِ الْآخَرِ وَهُوَ التَّحَلُّقُ.

وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ الْمَسْجِدَ وَهُمْ حِلَقٌ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَ؟ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ تَحَلُّقَهُمْ عَلَى مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا مَنْفَعَةَ (١)، بِخِلَافِ تَحَلُّقِهِمْ حَوْلَهُ فَإِنَّهُ كَانَ


(١) هذا فيه نظر. والظاهر أنه أنكر عليهم تفرقهم، ودل بذلك على استحباب اجتماعهم حال مذاكرة العلم، وأن يكونو حلقة واحدة لاحقا، لأن ذلك أجمع للقلوب وأكمل للفائدة. والله أعلم