تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ بِكَوْنِهَا صَغِيرَةً قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْكَبِيرَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُ: سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ) الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ بِالتَّنْوِينِ وَنَصْبِ أُمَامَةَ، وَرُوِيَ بِالْإِضَافَةِ كَمَا قُرِئَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ بِالْوَجْهَيْنِ، وَتَخْصِيصُ الْحَمْلِ فِي التَّرْجَمَةِ بِكَوْنِهِ عَلَى الْعُنُقِ - مَعَ أَنَّ السِّيَاقَ يَشْمَلُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ - مَأْخُوذٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مُصَرِّحَةٍ بِذَلِكَ وَهِيَ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَابِ فَزَادَ فِيهِ: عَلَى عَاتِقِهِ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى، وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ: عَلَى رَقَبَتِهِ. وأُمَامَةُ - بِضَمِّ الْهَمْزَةِ تَخْفِيفَ الْمِيمَيْنِ - كَانَتْ صَغِيرَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، وَتَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ بَعْدَ وَفَاةِ فَاطِمَةَ بِوَصِيَّةٍ مِنْهَا وَلَمْ تُعْقِبْ.
قَوْلُهُ: (وَلِأَبِي الْعَاصِ) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: الْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ: بِنْتُ زَيْنَبَ بِمَعْنَى اللَّامِ، فَأَظْهَرَ فِي الْمَعْطُوفِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلِأَبِي الْعَاصِ مَا هُوَ مُقَدَّرٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. انْتَهَى.
وَأَشَارَ ابْنُ الْعَطَّارِ إِلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ كَوْنُ وَالِدِ أُمَامَةَ كَانَ إِذْ ذَاكَ مُشْرِكًا، فَنُسِبَتْ إِلَى أُمِّهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ إِلَى أَشْرَفِ أَبَوَيْهِ دِينًا وَنَسَبًا. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهَا مِنْ أَبِي الْعَاصِ تَبْيِينًا لِحَقِيقَةِ نَسَبِهَا. انْتَهَى. وَهَذَا السِّيَاقُ لِمَالِكٍ وَحْدَهُ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَنَسَبُوهَا إِلَى أَبِيهَا ثُمَّ بَيَّنُوا أَنَّهَا بِنْتُ زَيْنَبَ كَمَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ: يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ - وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى عَاتِقِهِ.
قَوْلُهُ: (ابْنُ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ) كَذَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَمَعْنُ بْنِ عِيسَى، وَأَبُو مُصْعَبٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ مَالِكٍ، فَقَالُوا: ابْنُ الرَّبِيعِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَغَفَلَ الْكِرْمَانِيُّ، فَقَالَ: خَالَفَ الْقَوْمُ الْبُخَارِيَّ فَقَالَ: رَبِيعَةُ، وَعِنْدَهُمُ الرَّبِيعُ، وَالْوَاقِعُ أَنَّ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنَ الْقَوْمِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، كَالْبُخَارِيِّ فَالْمُخَالَفَةُ فِيهِ إِنَّمَا هِيَ مِنْ مَالِكٍ، وَادَّعَى الْأَصِيلِيُّ أَنَّهُ ابْنُ الرَّبِيعِ بْنِ رَبِيعَةَ، فَنَسَبَهُ مَالِكٌ مَرَّةً إِلَى جَدِّهِ، وَرَدَّهُ عِيَاضٌ، وَالْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِإِطْبَاقِ النَّسَّابِينَ عَلَى خِلَافِهِ. نَعَمْ قَدْ نَسَبَهُ مَالِكٌ إِلَى جَدِّهِ فِي قَوْلِهِ: ابْنُ عَبْدِ شَمْسٍ، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، أَطْبَقَ عَلَى ذَلِكَ النَّسَّابُونَ أَيْضًا، وَاسْمُ أَبِي الْعَاصِ لَقِيطٌ، وَقِيلَ: مِقْسَمٌ، وَقِيلَ: الْقَاسِمُ، وَقِيلَ: مِهْشَمٌ، وَقِيلَ: هُشَيْمٌ، وَقِيلَ: يَاسِرٌ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ. أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَهَاجَرَ، وَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ، وَمَاتَتْ مَعَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا) كَذَا لِمَالِكٍ أَيْضًا، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنُ عِجْلَانِ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْدِيِّ، وَأَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعُمَيْسِ كُلُّهُمْ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ شَيْخِ مَالِكٍ، فَقَالُوا: إِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ: حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ قَامَ وَأَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ فِعْلَ الْحَمْلِ وَالْوَضْعِ كَانَ مِنْهُ لَا مِنْهَا، بِخِلَافِ مَا أَوَّلَهُ الْخَطَّابِيُّ حَيْثُ قَالَ: يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الصبية كَانَتْ قَدْ أَلِفَتْهُ، فَإِذَا سَجَدَ تَعَلَّقَتْ بِأَطْرَافِهِ وَالْتَزَمَتْهُ فَيَنْهَضُ مِنْ سُجُودِهِ فَتَبْقَى مَحْمُولَةً كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَرْكَعَ فَيُرْسِلَهَا.
قَالَ: هَذَا وَجْهُهُ عِنْدِي. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ لَفْظَ حَمَلَ لَا يُسَاوِي لَفْظَ وَضَعَ فِي اقْتِضَاءِ فِعْلِ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فَلَانٌ حَمَلَ كَذَا، وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَمَلَهُ، بِخِلَافِ وَضَعَ، فَعَلَى هَذَا فَالْفِعْلُ الصَّادِرُ مِنْهُ هُوَ الْوَضْعُ لَا الرَّفْعُ فَيَقِلُّ الْعَمَلُ. قَالَ: وَقَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ هَذَا حَسَنًا إِلَى أَنْ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الصَّحِيحَةِ: فَإِذَا قَامَ أَعَادَهَا. قُلْتُ: وَهِيَ رِوَايَةٌ لِمُسْلِمٍ.
وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا أَصْرَحُ فِي ذَلِكَ وَهِيَ: ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute