بَيْنَ مَنْ غَلَبَهُ النَّوْمُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَبَيْنَ مَنْ غَلَبَهُ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ مَثَلًا لَكَانَ مُتَّجَهًا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ) هُوَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ أَخُو إِسْمَاعِيلَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَيُعْرَفُ بِالْأَعْشَى.
قَوْلُهُ: (وَلَا تُصَلَّى) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُصَلَّى بِالْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الدَّاوُدِيُّ، لِأَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ إِلَّا سِرًّا، وَأَمَّا غَيْرُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ مِنَ الْبِلَادِ فَلَمْ يَكُنِ الْإِسْلَامُ دَخَلَهَا.
قَوْلُهُ: (وَكَانُوا) أَيِ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ، وَفِي هَذَا بَيَانُ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ لِمَا يُشْعِرُ بِهِ السِّيَاقُ مِنَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَفْظُهُ: ثُمَّ قَالَ صَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ. وَلَيْسَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ أَخَّرَ الصَّلَاةَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ مُعَارَضَةٌ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَغْلَبِ مِنْ عَادَتِهِ ﷺ.
(فَائِدَةٌ): زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَذَكَرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تَنْزُرُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِلصَّلَاةِ وَذَلِكَ حِينَ صَاحَ عُمَرُ، وَقَوْلُهُ تَنْزُرُوا بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الزَّايِ بَعْدَهَا رَاءٌ، أَيْ تُلِحُّوا عَلَيْهِ، وَرُوِيَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ رَاءٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ زَايٌ أَيْ تَخْرُجُوا.
٥٧٠ - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً فَأَخَّرَهَا حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ رَقَدْنَا، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُبَالِي أَقَدَّمَهَا أَمْ أَخَّرَهَا، إِذَا كَانَ لَا يَخْشَى أَنْ يَغْلِبَهُ النَّوْمُ عَنْ وَقْتِهَا. وَكَانَ يَرْقُدُ قَبْلَهَا. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ
٥٧١ - وَقَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةً بِالْعِشَاءِ حَتَّى رَقَدَ النَّاسُ وَاسْتَيْقَظُوا وَرَقَدُوا وَاسْتَيْقَظُوا فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ الصَّلَاةَ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَخَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ الْآنَ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَامَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا هَكَذَا فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً كَيْفَ وَضَعَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى رَأْسِهِ يَدَهُ كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَبَدَّدَ لِي عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ ثُمَّ ضَمَّهَا يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأُذُنِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ عَلَى الصُّدْغِ وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ لَا يُقَصِّرُ وَلَا يَبْطُشُ إِلاَّ كَذَلِكَ وَقَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَامَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا هَكَذَا
[الحديث ٥٧١ - طرفه في: ٧٢٣٩]
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ) هُوَ ابْنُ غَيْلَانَ.
قَوْلُهُ: (شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً فَأَخَّرَهَا) هَذَا التَّأْخِيرُ مُغَايِرٌ لِلتَّأْخِيرِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ الْمُقَيَّدِ بِتَأْخِيرِ اجْتِمَاعِ الْمُصَلِّينَ، وَسِيَاقُهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى رَقَدْنَا فِي