للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ (١).

قُلْتُ: أَخْرَجَهَا الطَّحَاوِيُّ وَاحْتَجَّ بِهَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِ وَفِيهِ مَا فِيهِ.

(فَائِدَةٌ): رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا صَلَّى النَّبِيُّ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّهُ أَتَاهُ مَالٌ فَشَغَلَهُ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.

قُلْتُ: وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ، وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ شَاهِدٌ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، لَكِنْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: ثُمَّ لَمْ يَعُدْ مُعَارِضٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَيُحْمَلُ النَّفْيُ عَلَى عِلْمِ الرَّاوِي فَإِنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي. وَكَذَا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى فِي بَيْتِهَا بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً الْحَدِيثَ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْهَا: لَمْ أَرَهُ يُصَلِّيهِمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّيهِمَا إِلَّا فِي بَيْتِهِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَا أُمِّ سَلَمَةَ، وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي رِوَايَةِ الْأُولَى وَكَانَ لَا يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ يُثْقِلَ عَلَى أُمَّتِهِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَالَّذِي ذَهَبَ بِهِ) فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ الْحَسَنِ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَأَلَهَا عَنْ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَتْ: وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ تَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ وَزَادَ فِيهِ أَيْضًا: فَقَالَ لَهَا أَيْمَنُ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ يَنْهَى عَنْهُمَا وَيَضْرِبُ عَلَيْهِمَا فَقَالَتْ: صَدَقْتَ، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ يُصَلِّيهِمَا فَذَكَرَهُ. وَالْخَبَرُ بِذَلِكَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا ثَابِتٌ فِي رِوَايَةِ كُرَيْبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ إِذَا كَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَفِي أَوَّلِ الْخَبَرِ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالُوا: اقْرَأْ مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُلْ لَهَا: إِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْهُمَا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَقَدْ كُنْتُ أَضْرِبُ النَّاسَ مَعَ عُمَرَ عَلَيْهِمَا، الْحَدِيثَ.

(تَنْبِيهٌ): رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ سَبَبَ ضَرْبِ عُمَرَ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ: إِنَّ عُمَرَ رَآهُ وَهُوَ خَلِيفَةٌ رَكَعَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَضَرَبَهُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ عُمَرُ: يَا زَيْدُ لَوْلَا أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّخِذَهُمَا النَّاسُ سُلَّمًا إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى اللَّيْلِ لَمْ أَضْرِبْ فِيهِمَا فَلَعَلَّ عُمَرَ كَانَ يَرَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّمَا هُوَ خَشْيَةَ إِيقَاعِ الصَّلَاةِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ الْمَاضِيَ وَمَا نَقَلْنَاهُ عَنِ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ نَحْوَ رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَجَوَابِ عُمَرَ لَهُ وَفِيهِ: وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ حَتَّى يَمُرُّوا بِالسَّاعَةِ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يُصَلَّى فِيهَا وَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ لِمَا قُلْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي مَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٥٩١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَتْ عَائِشَةُ: ابْنَ أُخْتِي مَا تَرَكَ النَّبِيُّ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ.

قَوْلُهُ: (هِشَامٌ) هُوَ ابْنُ عُرْوَةَ.

قَوْلُهُ: (ابْنَ أُخْتِي) بِالنَّصْبِ عَلَى النِّدَاءِ، وَحَرْفُ النِّدَاءِ مَحْذُوفٌ، وَأَثْبَتَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ.

٥٩٢ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ يَدَعُهُمَا سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً: رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ. ٥٩٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ الْأَسْوَدَ، وَمَسْرُوقًا شَهِدَا عَلَى عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ النَّبِيُّ يَأْتِينِي فِي يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (عَبْدُ الْوَاحِدِ) هُوَ ابْنُ زِيَادٍ، وَالشَّيْبَانِيُّ: هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي بَعْدَهُ هُوَ السَّبِيعِيُّ.

قَوْلُهُ: (يَدَعُهُمَا) زَادَ النَّسَائِيُّ فِي بَيْتِي. (فَائِدَةٌ): فَهِمَتْ عَائِشَةُ مِنْ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَنَّ نَهْيَهُ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ قَصَدَ الصَّلَاةَ عَنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَا إِطْلَاقَهُ، فَلِهَذَا قَالَتْ


(١) ليس الأمر كما قال البيهقي، بل حديث أم سلمة المذكور حديث حسن أخرجه احمد يف المسند بإسناد جيد، وهو حكة على أن قضاء سنة الظهر بعد العصر من خصائصه كما قال الطحاوي. والله أعلم.