للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ .

[الحديث ٦٠٩ - طرفاه في: ٧٥٤٨، ٣٢٩٦]

قَوْله: (بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالنِّدَاءِ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: لَمْ يَنُصَّ عَلَى حُكْمِ رَفْعِ الصَّوْتِ لِأَنَّهُ مِنْ صِفَةِ الْأَذَانِ، وَهُوَ لَمْ يَنُصَّ فِي أَصْلِ الْأَذَانِ عَلَى حُكْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ النَّسَائِيُّ بَابُ الثَّوَابِ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ.

قَوْله: (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ أَنَّ مُؤَذِّنًا أَذَّنَ فَطَرِبَ فِي أَذَانِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. . فَذَكَرَهُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الْمُؤَذِّنِ وَأَظُنُّهُ مِنْ بَنِي سَعْدِ الْقَرَظِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ حَيْثُ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ مِنَ التَّطْرِيبِ الْخُرُوجَ عَنِ الْخُشُوعِ، لَا أَنَّهُ نَهَاهُ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْكَعْبِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَابْنِ عَدِيٍّ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، ثُمَّ غَفَلَ فَذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ.

قَوْله: (عَنْ أَبِيهِ) زَادَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَكَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي سَعِيدٍ وَكَانَتْ أُمُّهُ عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِهِ، لَكِنْ قَلَبَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مَالِكٍ وَوَافَقَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ. وَزَعَمَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ رِوَايَتَهُ، لَكِنْ لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ وَلَا ذَكَرَهَا خَلَفٌ قَالَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ. وَاسْمُ أَبِي صَعْصَعَةَ عَمْرُو بْنُ زَيْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْدُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غُنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، مَاتَ أَبُو صَعْصَعَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَحَابِيٌّ، رَوَى ابْنُ شَاهِينَ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ حَدِيثًا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ ، وَفِي سِيَاقِهِ أَنَّ جَدَّهُ كَانَ بَدْرِيًّا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْمَغَازِي لَمْ يَذْكُرُوهُ فِيهِمْ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا أَخَاهُ قَيْسَ بْنَ أَبِي صَعْصَعَةَ.

قَوْله: (أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ) أَيْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

قَوْله: (تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ) أَيْ لِأَجْلِ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّ مُحِبَّهَا يَحْتَاجُ إِلَى إِصْلَاحِهَا بِالْمَرْعَى، وَهُوَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ وَهِيَ الصَّحْرَاءُ الَّتِي لَا عِمَارَةَ فِيهَا.

قَوْله: (فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ) يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ؛ لِأَنَّ الْغَنَمَ قَدْ لَا تَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ حَيْثُ لَا غَنَمَ.

قَوْله: (فَأَذَّنْتُ لِلصَّلَاةِ) أَيْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ، وَلِلْمُصَنَّفِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِالصَّلَاةِ أَيْ أَعْلَمْتُ بِوَقْتِهَا.

قَوْله: (فَارْفَعْ) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَذَانَ مَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ كَانَ مُقَرَّرًا عِنْدَهُمْ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَمْرِ بِالرَّفْعِ دُونَ أَصْلِ التَّأْذِينِ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ لِلْقَوْلِ الصَّائِرِ إِلَى اسْتِحْبَابِ أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ حَقُّ الْوَقْتِ، وَقِيلَ: لَا يُسْتَحَبُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ لِاسْتِدْعَاءِ الْجَمَاعَةِ لِلصَّلَاةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ مَنْ يَرْجُو جَمَاعَةً أَوْ لَا.

قَوْلُهُ: (بِالنِّدَاءِ) أَيْ بِالْأَذَانِ.

قَوْلُهُ: (لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ) أَيْ غَايَةَ صَوْتِهِ، قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: غَايَةُ الصَّوْتِ تَكُونُ أَخْفَى مِنِ ابْتِدَائِهِ، فَإِذَا شَهِدَ لَهُ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ وَوَصَلَ إِلَيْهِ مُنْتَهَى صَوْتِهِ فَلَأَنْ يَشْهَدُ لَهُ مَنْ دَنَا مِنْهُ وَسَمِعَ مُبَادِيَ صَوْتِهِ أَوْلَى.

قَوْله (جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ) ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ، فَهُوَ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ شَجَرٌ وَلَا مَدَرٌ وَلَا حَجَرٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ، وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَنَحْوُهُ لِلنَّسَائِيِّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَلَا شَيْءَ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا فِي تَأْوِيلِهِ عَلَى غَيْرِ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ