كَأَنِّي أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنْ الْوَجَعِ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ مَكَانَكَ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ، قِيلَ لِلْأَعْمَشِ: وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ بِرَأْسِهِ: نَعَمْ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ بَعْضَهُ، وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا.
٦٦٥ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ ﷺ وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ، وَكَانَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَرَجُلٍ آخَرَ، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِي: وَهَلْ تَدْرِي مَنْ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ، قُلْتُ: لَا، قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
قَوْلُهُ: (بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ) قَالَ ابْنُ التِّينِ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّالٍ: مَعْنَى الْحَدِّ هَاهُنَا الْحِدَّةُ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْكِسَائِيُّ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ عُمَرَ فِي أَبِي بَكْرٍ كُنْتُ أَرَى مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ أَيِ الْحِدَّةِ، قَالَ: وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْحَضُّ عَلَى شُهُودِ الْجَمَاعَةِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هُنَا جِدٌّ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ فِي الْأَمْرِ، لَكِنْ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا رَوَاهُ بِالْجِيمِ. انْتَهَى. وَقَدْ أَثْبَتَ ابْنُ قُرْقُولٍ رِوَايَةَ الْجِيمِ وَعَزَاهَا لِلْقَابِسِيِّ. وَقَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: إِنَّمَا الْمَعْنَى مَا يُحَدُّ لِلْمَرِ ضِ أَنْ يَشْهَدَ مَعَهُ الْجَمَاعَةُ فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ الْحَدَّ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ شُهُودُهَا. وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ خُرُوجُهُ ﷺ مُتَوَكِّئًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ شِدَّةِ الضَّعْفِ فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ مَنْ بَلَغَ إِلَى تِلْكَ الْحَالِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ تَكَلُّفُ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَةِ إِلَّا إِذَا وَجَدَ مَنْ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهِ. وَأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا. وَقَعَ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ، قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ بَابُ الْحَدِّ الَّذِي لِلْمَرِيضِ أَنْ يَأْخُذَ فِيهِ بِالْعَزِيمَةِ فِي شُهُودِ الْجَمَاعَةِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (مَرَضُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُبَيَّنًا فِي آخِرِ الْمَغَازِي فِي سَبَبِهِ وَوَقْتِ ابْتِدَائِهِ وَقَدْرِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ الزُّهْرِيُّ فِي رِوَايَتِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْبَابِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ أَنِ اشْتَدَّ بِهِ الْمَرَضُ وَاسْتَقَرَّ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.
قَوْلُهُ: (فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ) هِيَ الْعِشَاءُ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ الْآتِيَةِ قَرِيبًا فِي بَابِ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَسَنَذْكُرُ هُنَاكَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (فَأُذِّنَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَأُذِّنَ بِالْوَاوِ وَهُوَ أَوْجَهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَذَانُ الصَّلَاةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أُعْلِمَ، وَيُقَوِّيهِ رِوَايَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ الْآتِيَةُ فِي بَابُ الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ وَلَفْظُهُ جَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ تَسْمِيَةُ الْمُبْهَمِ، وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ أَنَّهُ ﷺ بَدَأَ بِالسُّؤَالِ عَنْ حُضُورِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ إِلَيْهَا فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ. . الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْآمِرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ يَكُونُ آمِرًا بِهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَأَجَابَ الْمَانِعُونَ بِأَنَّ الْمَعْنَى بَلِّغُوا أَبَا بَكْرٍ أَنِّي أَمَرْتُهُ. وَفَصْلُ النِّزَاعِ أَنَّ النَّافِيَ إِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ أَمْرًا حَقِيقَةً فَمُسَلَّمٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ أَمْرٍ لِلثَّانِي، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُهُ فَمَرْدُودٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (فَقِيلَ لَهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute