للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا) هُوَ ابْنُ يَاسِرٍ، قَالَ خَلِيفَةُ: اسْتَعْمَلَ عَمَّارًا عَلَى الصَّلَاةِ وَابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَعُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى مِسَاحَةِ الْأَرْضِ. انْتَهَى. وَكَأَنَّ تَخْصِيصَ عَمَّارٍ بِالذِّكْرِ لِوُقُوعِ التَّصْرِيحِ بِالصَّلَاةِ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّا وَقَعَتْ فِيهِ الشَّكْوَى.

قَوْلُهُ: (فَشَكَوْا) لَيْسَتْ هَذِهِ الْفَاءُ عَاطِفَةً عَلَى قَوْلِهِ فَعَزَلَهُ بَلْ هِيَ تَفْسِيرِيَّةٌ عَاطِفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ شَكَا عَطْفَ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ فَعَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ اعْتِرَاضٌ إِذِ الشَّكْوَى كَانَتْ سَابِقَةً عَلَى الْعَزْلِ، وَبَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ الْمَاضِيَةُ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي) ظَاهِرُهُ أَنَّ جِهَاتِ الشَّكْوَى كَانَتْ مُتَعَدِّدَةٌ، وَمِنْهَا قِصَّةُ الصَّلَاةِ. وَصُرِّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوْنٍ (١) الْآتِيَةِ قَرِيبًا، فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ شَكَوْكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ. وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ، وَسَيْفٌ أَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ حَابَى فِي بَيْعِ خُمُسٍ بَاعَهُ. وَأَنَّهُ صَنَعَ عَلَى دَارِهِ بَابًا مُبَوَّبًا مِنْ خَشَبٍ، وَكَانَ السُّوقُ مُجَاوِرًا لَهُ فَكَانَ يَتَأَذَّى بِأَصْوَاتِهِمْ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ: انْقَطَعَ التَّصْوِيتُ. وَذَكَرَ سَيْفٌ أَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُلْهِيهِ الصَّيْدُ عَنِ الْخُرُوجِ فِي السَّرَايَا. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ النَّسَبِ: رَفَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَلَيْهِ أَشْيَاءَ كَشَفَهَا عُمَرُ فَوَجَدَهَا بَاطِلَةً. اهـ. وَيُقَوِّيهِ قَوْلُ عُمَرَ فِي وَصِيَّتِهِ: فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ مِنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ.

قَوْلُهُ: (فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ) فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: فَوَصَلَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ، وَسَيَأْتِي تَسْمِيَةُ الرَّسُولِ.

قَوْلُهُ: (يَا أَبَا إِسْحَاقَ) هِيَ كُنْيَةُ سَعْدٍ، كُنِّيَ بِذَلِكَ بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ، وَهَذَا تَعْظِيمٌ مِنْ عُمَرَ لَهُ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَقْدَحْ فِيهِ الشَّكْوَى عِنْدَهُ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ) أَمَّا بِالتَّشْدِيدِ وَهِيَ لِلتَّقْسِيمِ، وَالْقَسِيمُ هُنَا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَأَمَّا هُمْ فَقَالُوا مَا قَالُوا. وَفِيهِ الْقَسَمُ فِي الْخَبَرِ لِتَأْكِيدِهِ فِي نَفْسِ السَّامِعِ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ.

قَوْلُهُ: (صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ ) بِالنَّصْبِ أَيْ: مِثْلَ صَلَاةِ.

قَوْلُهُ: (مَا أَخْرِمُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ: لَا أُنْقِصُ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاة أَنَّهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ فَفِعْلُهُ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَاسْتَضْعَفَهُ.

قَوْلُهُ: (أُصَلِّي صَلَاةَ الْعِشَاءِ) كَذَا هُنَا بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ لِلْجَمِيعِ، غَيْرِ الْجُرْجَانِيِّ فَقَالَ الْعَشِيِّ، وَفِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ صَلَاتَيِ الْعِشِيِّ بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ لَهُمْ إِلَّا الْكُشْمِيهَنِيَّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ بِلَفْظِ: صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ وَكَذَا لِزَائِدَةَ فِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ وَهُوَ الْأَرْجَحُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّثْنِيَةُ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَقَعَ التَّثْنِيَةُ فِي الْمَمْدُودِ وَيُرَادُ بِهِمَا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْأُخْرَيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ إِنَّمَا لَهَا أُخْرَى وَاحِدَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَبْدَى الْكِرْمَانِيُّ لِتَخْصِيصِ الْعِشَاءِ بِالذِّكْرِ حِكْمَةً، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا أَتْقَنَ فِعْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ الَّتِي وَقْتُهَا وَقْتُ الِاسْتِرَاحَةِ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَهُوَ حَسَنٌ، وَيُقَالُ مِثَلُهُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؛ لِأَنَّهُمَا وَقْتُ الِاشْتِغَالِ بِالْقَائِلَةِ وَالْمَعَاشِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: لَعَلَّ شَكْوَاهُمْ كَانَتْ فِي هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ خَاصَّةً فَلِذَلِكَ خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ.

قَوْلُهُ: (فَأَرْكُدُ فِي الْأُولَيَيْنِ) قَالَ الْقَزَّازُ: أَرْكُدُ أَيْ: أُقِيمُ طَوِيلًا، أَيْ: أُطَوِّلُ فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ. قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّطْوِيلُ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْقِرَاءَةِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لَكِنَّ الْمَعْهُودَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْقِرَاءَةِ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَمُدُّ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالْأُولَيَيْنِ بِتَحْتَانِيَّتَيْنِ تَثْنِيَةُ الْأُولَى وَكَذَا الْأُخْرَيَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَأُخِفُّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَأَحْذِفُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا، إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِالْمِيمِ


(١) هو محمد بن عبيد الله الثقفي