[الحديث ٧٥٩ - أطرافه: ٧٧٩. ٧٧٨. ٧٧٦. ٧٦٢]
٧٦٠ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ سَأَلْنَا خَبَّابًا أَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ "
قَوْلُهُ: (بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ وَالَّتِي بَعْدَهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِمَا إِثْبَاتُ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا وَأَنَّهَا تَكُونُ سِرًّا إِشَارَةً إِلَى مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ كَابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَبْوَابٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ تَقْدِيرُ الْمَقْرُوءِ أَوْ تَعَيُّنُهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْبَابَيْنِ لِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالِاحْتِمَالِ الثَّانِي، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ مُخْتَلِفَةً سَيَأْتِي بَعْضُهَا، وَجَمَعَ بَيْنَهَا بِوُقُوعِ ذَلِكَ فِي أَحْوَالٍ مُتَغَايِرَةٍ؛ إِمَّا لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ، وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِاخْتِلَافِهَا عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي صَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا اخْتَلَفَ لَا فِيمَا لَمْ يَخْتَلِفْ كَتَنْزِيلِ وَهَلْ أَتَى فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ) فِي رِوَايَةِ الْجَوْزَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ التَّصْرِيحُ بِالْإِخْبَارِ لِيَحْيَى مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَلِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَبِيهِ، وَكَذَا لِلنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى لَكِنْ بِلَفْظِ التَّحْدِيثِ فِيهِمَا، وَكَذَا عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْقَنَّادِ، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ فَأُمِنَ بِذَلِكَ تَدْلِيسُ يَحْيَى.
قَوْلُهُ: (الْأُولَيَيْنِ) بِتَحْتَانِيَّتَيْنِ تَثْنِيَةُ الْأُولَى.
قَوْلُهُ: (صَلَاةُ الظُّهْرِ) فِيهِ جَوَازُ تَسْمِيَةِ الصَّلَاةِ بِوَقْتِهَا.
قَوْلُهُ: (وَسُورَتَيْنِ) أَيْ: فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سُورَةٌ كَمَا سَيَأْتِي صَرِيحًا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ سُورَةٍ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَزَادَ الْبَغَوِيُّ: وَلَوْ قَصُرَتِ السُّورَةُ عَنِ الْمَقْرُوءِ، كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ كَانَ يَفْعَلُ؛ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الدَّوَامِ أَوِ الْغَالِبُ.
قَوْلُهُ: (يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: كَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّشَاطَ فِي الْأُولَى يَكُونُ أَكْثَرَ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفُ فِي الثَّانِيَةِ حَذَرًا مِنَ الْمَلَلِ. انْتَهَى.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ: فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُدْرِكَ النَّاسُ الرَّكْعَةَ، وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ نَحْوُهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يُطَوِّلَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَكْثُرَ النَّاسُ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَطْوِيلِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ، وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ سَعْدٍ الْمَاضِي حَيْثُ قَالَ: أَمُدُّ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنَّ الْمُرَادَ تَطْوِيلُهُمَا عَلَى الْأُخْرَيَيْنِ لَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الطُّولِ.
وَقَالَ مَنِ اسْتَحَبَّ اسْتِوَاءَهُمَا: إِنَّمَا طَالَتِ الْأُولَى بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ، وَأَمَّا فِي الْقِرَاءَةِ فَهُمَا سَوَاءٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ أَنَّ الَّذِينَ حَزَرُوا ذَلِكَ كَانُوا ثَلَاثِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَادَّعَى ابْنُ حِبَّانَ أَنَّ الْأُولَى إِنَّمَا طَالَتْ عَلَى الثَّانِيَةِ بِالزِّيَادَةِ فِي التَّرْتِيلِ فِيهَا مَعَ اسْتِوَاءِ الْمَقْرُوءِ فِيهِمَا، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ: أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُرَتِّلُ السُّورَةَ حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا، وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى جَوَازِ تَطْوِيلِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ لِأَجْلِ الدَّاخِلِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ لَا يُعَلَّلُ بِهَا لِخَفَائِهَا أَوْ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ يُرِيدُ تَقْصِيرَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ ثُمَّ يُطِيلُهَا لِأَجْلِ الْآتِي، وَإِنَّمَا كَانَ يَدْخُلُ فِيهَا لِيَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى سُنَّتِهَا مِنْ