للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَاءَ رَجُلٌ كَالْبَدْوِيِّ فَصَلَّى فَأَخَفَّ صَلَاتَهُ، فَهَذَا لَا يَمْنَعُ تَفْسِيرَهُ بِخَلَّادٍ؛ لِأَنَّ رِفَاعَةَ شَبَّهَهُ بِالْبَدْوِيِّ لِكَوْنِهِ أَخَفَّ الصَّلَاةَ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَصَلَّى) زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ رَكْعَتَيْنِ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ صَلَّى نَفْلًا. وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَرْمُقُهُ فِي صَلَاتِهِ، زَادَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَلَا نَدْرِي مَا يَعِيبُ مِنْهَا، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي خَالِدٍ يَرْمُقُهُ وَنَحْنُ لَا نَشْعُرُ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى حَالِهِمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا نَشْعُرُ بِمَا يَعِيبُ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ) فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَجَاءَ فَسَلَّمَ، وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَاتِهِ وَمَجِيئِهِ تَرَاخٍ.

قَوْلُهُ: (فَرَدَّ النَّبِيُّ ﷺ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ فِي الِاسْتِئْذَانِ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ. وَفِي هَذَا تَعَقُّبٌ عَلَى ابْنِ الْمُنِيرِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ أنَّ الْمَوْعِظَةَ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ أَهَمُّ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ، وَلِأَنَّهُ لَعَلَّهُ لَمْ يَرُدَّ ﵇ تَأْدِيبًا عَلَى جَهْلِهِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ التَّأْدِيبُ بِالْهَجْرِ وَتَرْكِ السَّلَامِ اهـ. وَالَّذِي وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ الصَّحِيحَيْنِ ثُبُوتُ الرَّدِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ، إِلَّا الَّذِي فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، وَقَدْ سَاقَ الْحَدِيثَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ بِلَفْظِ الْبَابِ إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ مِنْهُ فَرَدَّ النَّبِيُّ ﷺ، فَلَعَلَّ ابْنَ الْمُنِيرِ اعْتَمَدَ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا صَاحِبُ الْعُمْدَةِ.

قَوْلُهُ: (ارْجِعْ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَجْلَانَ، فَقَالَ أَعِدْ صَلَاتَكَ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)، قَالَ عِيَاضٌ: فِيهِ أَنَّ أَفْعَالَ الْجَاهِلِ فِي الْعِبَادَةِ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ لَا تُجْزِئُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ نَفْيُ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ تَمَسَّكَ بِأَنَّهُ ﷺ لَمْ يَأْمُرْهُ بَعْدَ التَّعْلِيمِ بِالْإِعَادَةِ، فَدَلَّ عَلَى إِجْزَائِهَا وَإِلَّا لَزِمَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الْمُهَلَّبُ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ﷺ قَدْ أَمَرَهُ فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ بِالْإِعَادَةِ، فَسَأَلَهُ التَّعْلِيمَ فَعَلَّمَهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ أَعِدْ صَلَاتَكَ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُنِيرِ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ مَزِيدُ بَحْثٍ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (ثَلَاثًا) فِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ، وَتَتَرَجَّحُ الْأُولَى لِعَدَمِ وُقُوعِ الشَّكِّ فِيهَا وَلِكَوْنِهِ ﷺ كَانَ مِنْ عَادَتَهِ اسْتِعْمَالُ الثَّلَاثِ فِي تَعْلِيمِهِ غَالِبًا.

قَوْلُهُ: (فَعَلِّمْنِي) فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ (١)، فَقَالَ الرَّجُلُ: فَأَرِنِي وَعَلِّمْنِي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُصِيبُ وَأُخْطِئُ، فَقَالَ: أَجَلْ.

قَوْلُهُ: (إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ. وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ، ثُمَّ تَشَهَّدْ وَأَقِمْ. وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ: إِنَّهَا لَمْ تَتِمَّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيُمَجِّدُهُ. وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بَدَلَ وَيُمَجِّدُهُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ) لَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَمَّا رِفَاعَةُ فَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةِ وَيَقْرَأُ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ: فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ وَإِلَّا فَاحْمَدِ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ. وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ بِمَا شَاءَ اللَّهُ. وَلِأَحْمَدَ، وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا شِئْتَ. تَرْجَمَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ بِبَابِ فَرْضِ الْمُصَلِّي قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ هَذِهِ الْقَرِيبَةِ: فَإِذَا رَكَعْتَ فَاجْعَلْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، وَامْدُدْ ظَهْركَ، وَتَمَكَّنْ لِرُكُوعِكَ. وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَيَسْتَرْخِي.

قَوْلُهُ: (حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا) فِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا. أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهُ


(١) كذا في النسخ، ولفظه "على بن يحيى".