حَفِظَ كَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَكَ الْحَمْدُ حَفِظْتُ مِنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ الزُّهْرِيِّ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَنَا عِنْدَهُ فَجُحِشَ سَاقُهُ الأَيْمَنُ
قَوْلُهُ: (بَابُ يَهْوِي بِالتَّكْبِيرِ حِينَ يَسْجُدُ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: رُوِّينَاهُ بِالْفَتْحِ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحُ أَرْجَحُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا بِالْوَجْهَيْنِ.
قَوْلُهُ: (كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِلَخْ) وَصَلَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا، وَزَادَ فِي آخِرِهِ، وَيَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: كَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَلَا أَرَاهُ إِلَّا وَهْمًا، يَعْنِي رَفْعَهُ. قَالَ: وَالْمَحْفُوظُ مَا اخْتَرْنَا. ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ فَلْيَرْفَعْهُمَا. اهـ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْمَوْقُوفُ غَيْرُ الْمَرْفُوعِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ فِي تَقْدِيمِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ، وَالثَّانِي فِي إِثْبَاتِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ. وَاسْتُشْكِلَ إِيرَادُ هَذَا الْأَثَرِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، وَأَجَابَ الزَّيْنُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ صِفَةَ الْهُوِيِّ إِلَى السُّجُودِ الْقَوْلِيَّةَ أَرْدَفَهَا بِصِفَتِهِ الْفِعْلِيَّةِ، وَقَالَ أَخُوهُ: أَرَادَ بِالتَّرْجَمَةِ وَصْفَ حَالِ الْهُوِيِّ مِنْ فِعَالٍ وَمَقَالٍ اهـ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَثَرَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ جُمْلَةِ التَّرْجَمَةِ، فَهُوَ مُتَرْجَمٌ بِهِ لَا مُتَرْجَمٌ لَهُ، وَالتَّرْجَمَةُ قَدْ تَكُونُ مُفَسِّرَةً لِمُجْمَلِ الْح دِيثِ وَهَذَا مِنْهَا، وَهَذِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا. قَالَ مَالِكٌ: هَذِهِ الصِّفَةُ أَحْسَنُ فِي خُشُوعِ الصَّلَاةِ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَفِيهِ حَدِيثٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَعُورِضَ بِحَدِيثٍ عَنْهُ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ، وَقَدْ رَوَى الْأَثْرَمُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِرُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَلَا يَبْرُكْ بُرُوكَ الْفَحْلِ. وَلَكِنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَضَعَ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَدَيْهِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ فِي السُّنَنِ أَيْضًا عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَا يَظْهَرُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ حَيْثُ السُّنَّةُ اهـ. وَعَنْ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ رِوَايَةٌ بِالتَّخْيِيرِ، وَادَّعَى ابْنُ خُزَيْمَةَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ سَعْدٍ قَالَ: كُنَّا نَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ، فَأُمِرْنَا بِالرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ. وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ قَاطِعًا لِلنِّزَاعِ، لَكِنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُمَا ضَعِيفَانِ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: مُقْتَضَى تَأْخِيرِ وَضْعِ الرَّأْسِ عَنْهُمَا فِي الِانْحِطَاطِ وَرَفْعِهِ قَبْلَهُمَا أَنْ يَتَأَخَّرَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَنِ الرُّكْبَتَيْنِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَقْدِيمِ الْيَدَيْنِ عَلَيْهِمَا فِي الرَّفْعِ. وَأَبْدَى الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لِتَقْدِيمِ الْيَدَيْنِ مُنَاسَبَةً؛ وَهِيَ أَنْ يَلْقَى الْأَرْضَ عَنْ جَبْهَتِهِ وَيَعْتَصِمَ بِتَقْدِيمِهِمَا عَلَى إِيلَامِ رُكْبَتَيْهِ إِذَا جَثَا عَلَيْهِمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُكَبِّرُ)، زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: حِينَ اسْتَخْلَفَهُ مَرْوَانُ عَلَى الْمَدِينَةِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا) فِيهِ أَنَّ التَّكْبِيرَ ذِكْرُ الْهُوِيِّ، فَيَبْتَدِئُ بِهِ مِنْ حِينِ يَشْرَعُ فِي الْهُوِيِّ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ إِلَى حِينِ يَتَمَكَّنُ سَاجِدًا.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الْجُلُوسِ فِي الِاثْنَتَيْنِ) فِيهِ أَنَّهُ يَشْرَعُ فِي التَّكْبِيرِ مِنْ حِينِ ابْتِدَاءِ الْقِيَامِ إِلَى الثَّالِثَةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا، وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ بَعْدَ بِضْعَةَ عَشَرَ بَابًا.
قَوْلُهُ: (إِنْ كَانَتْ هَذِهِ لَصَلَاتَهُ)، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْكَلَامُ يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، يَعْنِي مُرْسَلًا. قُلْتُ: وَكَذَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الزُّهْرِيُّ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّكْبِيرِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ مِنْ طَرِيقِ عَقِيلٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ؛ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الصِّفَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute