للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَوْ يَعِظَهُمْ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى الذِّكْرِ الْمَأْثُورِ فَهَلْ يُقْبِلُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا أَوْ يَنْفَتِلُ فَيَجْعَلُ يَمِينَهُ مِنْ قِبَلِ الْمَأْمُومِينَ وَيَسَارَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَيَدْعُو؟ الثَّانِي هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ. وَيَحْتَمِلُ إِنْ قَصُرَ زَمَنُ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَمِرَّ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ (١) مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا أَلْيَقُ بِالدُّعَاءِ، وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا لَوْ طَالَ الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ هِنْدِ بِنْتِ الْحَارِثِ) هِيَ تَابِعِيَّةٌ وَلَا أَعْرِفُ عَنْهَا رَاوِيًا غَيْرَ الزُّهْرِيِّ، وَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ مُسْلِمٍ، وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي نِسْبَتِهَا.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) هُوَ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ مَوْصُولًا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ. وقَوْلُهُ: (فَنُرَى) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ نُظَنُّ.

قَوْلُهُ: (مِنَ النِّسَاءِ) زَادَ فِي بَابِ التَّسْلِيمِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ أَيِ الرِّجَالِ، وَهُوَ لَفْظُهُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ قَزَعَةَ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَبْوَابٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ) رَوَيْنَاهُ مَوْصُولًا فِي الزُّهْرِيَّاتِ لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ فَذَكَرَهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا) جَمْعُ صَاحِبَةٍ وَهِيَ لُغَةٌ، وَالْمَشْهُورُ صَوَاحِبُ كَضَوَارِبَ وَضَارِبَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ صَوَاحِبَ وَهُوَ جَمْعُ صَاحِبَةٍ.

قَوْلُهُ: (كَانَ يُسَلِّمُ) أَيِ النَّبِيُّ ، وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الْإِشَارَةَ إِلَى أَقَلِّ مِقْدَارٍ كَانَ يَمْكُثُهُ .

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِلَخْ) وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُهُ: أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ إِذَا سَلَّمْنَ قُمْنَ وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ وَمَنْ صَلَّى مِنَ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ قَامَ الرِّجَالُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ) سَيَأْتِي مَوْصُولًا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ مِنْ طَرِيقِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ) وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْهُ بِتَمَامِهِ، وَفِيهِ: أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَشْهَدْنَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، فَإِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ فَانْصَرَفْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الرِّجَالُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ شُعَيْبٌ) هُوَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَرِوَايَتُهُمَا مَوْصُولَةٌ فِي الزُّهْرِيَّاتِ أَيْضًا. وَمُرَادُ الْبُخَارِيِّ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي نَسَبِ هِنْدٍ وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْفِرَاسِيَّةُ، نِسْبَةً إِلَى بَنِي فِرَاسٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ آخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ كِنَانَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْقُرَشِيَّةُ، فَمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ النَّسَبِ إِنَّ كِنَانَةَ جِمَاعُ قُرَيْشٍ فَلَا مُغَايَرَةَ بَيْنَ النِّسْبَتَيْنِ، وَمَنْ قَالَ إِنَّ جِمَاعَ قُرَيْشٍ فِهْرُ بْنُ مَالِكٍ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اجْتِمَاعُ النِّسْبَتَيْنِ لِهِنْدٍ عَلَى أَنَّ إِحْدَاهُمَا بِالْأَصَالَةِ وَالْأُخْرَى بِالْمُخَالَفَةِ (٢). وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِرِوَايَةِ اللَّيْثِ الْأَخِيرَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: الْقُرَشِيَّةَ تَصْحِيفٌ مِنَ الْفِرَاسِيَّةِ، لِقَوْلِهِ فِيهِ: عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: أَنَّ امْرَأَةً وَقَوْلُهُ فِيهِ: عَنْ النَّبِيِّ غَيْرُ مَوْصُولَةٍ لِأَنَّهَا تَابِعِيَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَأَنَّ التَّقْصِيرَ فِيهِ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ الْأَنْصَارِيُّ، وَرِوَايَتُهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ: وَفِي الْحَدِيثِ مُرَاعَاةُ الْإِمَامِ أَحْوَالَ الْمَأْمُومِينَ، وَالِاحْتِيَاطُ فِي اجْتِنَابِ مَا قَدْ يُفْضِي إِلَى الْمَحْذُورِ. وَفِيهِ اجْتِنَابُ مَوَاضِعِ التُّهَمِ، وَكَرَاهَةُ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ فِي الطُّرُقَاتِ فَضْلًا عَنْ الْبُيُوتِ.

وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمَأْمُومِينَ إِذَا كَانُوا رِجَالًا فَقَطْ أَنْ لَا يُسْتَحَبَّ هَذَا الْمُكْثُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ ابْنُ قُدَامَةَ حَدِيثَ عَائِشَةَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَفِيهِ: أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَحْضُرْنَ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ، وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا.


(١) الصواب أن المشروع إقبال الإمام على المأمومين بوجهه بعد السلام والإستغفار وقول " اللهم أنت السلام الخ"مطلقا لما تقدم في الأحاديث الصحيحة. والله أعلم
(٢) كذا في المطبوعة والمخطوطة، ولعله " بالمحالفة"