أَمَّا الْغُسْلُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الطِّيبُ فَلَا أَدْرِي".
[الحديث ٨٨٤ - طرفه في: ٨٨٥]
٨٨٥ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَيَمَسُّ طِيبًا أَوْ دُهْنًا إِنْ كَانَ عِنْدَ أَهْلِهِ؟ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُهُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الدَّهْنِ لِلْجُمُعَةِ) أَيِ اسْتِعْمَالُ الدُّهْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِفَتْحِ الدَّالِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ.
قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ، سَمَّاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عِنْدَ الدَّارِمِيِّ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الصَّحَابَةِ، وَكَذَا ابْنُ مَنْدَهْ، وَعَزَاهُ لِأَبِي حَاتِمٍ. وَمُسْتَنَدُهُمْ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ لَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدًا، لَكِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِسَمَاعِهِ، فَالصَّوَابُ إِثْبَاتُ الْوَاسِطَةِ. وَهَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَتَبَّعَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْهُ هَكَذَا، وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْهُ فَقَالَ: عَنْ أَبِي ذَرٍّ، بَدَلُ سَلْمَانَ، وَأَرْسَلَهُ أَبُو مَعْشَرٍ عَنْهُ فَلَمْ يَذْكُرْ سَلْمَانَ وَلَا أَبَا ذَرٍّ، وَرَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْهُ فَقَالَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ اهـ.
وَرِوَايَةُ ابْنِ عَجْلَانَ الْمَذْكُورِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَرِوَايَةُ أَبِي مَعْشَرٍ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَرِوَايَةُ الْعُمَرِيِّ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى، فَأَمَّا ابْنُ عَجْلَانَ فَهُوَ دُونَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِي الْحِفْظِ فَرِوَايَتُهُ مَرْجُوحَةٌ، مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ وَدِيعَةَ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي ذَرٍّ، وَسَلْمَانَ جَمِيعًا، وَيُرَجِّحُ كَوْنَهُ عَنْ سَلْمَانَ وُرُودُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَرْثَعٍ الضَّبِّيِّ، وَهُوَ بِقَافٍ مَفْتُوحَةِ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ، قَالَ: وَكَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ الْأَوَّلِينَ، وَعَنْ سَلْمَانَ نَحْوُهُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَأَمَّا أَبُو مَعْشَرٍ فَضَعِيفٌ، وَقَدْ قَصَّرَ فِيهِ بِإِسْقَاطِ الصَّحَابِيِّ، وَأَمَّا الْعُمَرِيُّ فَحَافِظٌ وَقَدْ تَابَعَهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ سَعِيدٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سَعِيدٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ السَّكَنِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَزَادَ فِيهِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، عُمَارَةَ بْنَ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيَّ اهـ.
وَقَوْلُهُ ابْنُ عَامِرٍ خَطَأٌ، فَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ، عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ فَقَالَ: عُمَارَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَبَيَّنَ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَارَةَ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ سَلْمَانَ ذَكَرَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ. وَأَفَادَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ سَعِيدًا حَضَرَ أَبَاهُ لَمَّا سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِ ابْنِ وَدِيعَةَ، وَسَاقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ مَسْعَدَةَ، وَقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ الْجَرْمِيِّ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ لَيْسَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ، فَكَأَنَّهُ سَمِعَهُ مَعَ أَبِيهِ مِنِ ابْنِ وَدِيعَةَ، ثُمَّ اسْتَثْبَتَ أَبَاهُ فِيهِ فَكَانَ يَرْوِيهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي اخْتَارَهَا الْبُخَارِيُّ أَتْقَنُ الرِّوَايَاتِ، وَبَقِيَّتُهَا إِمَّا مُوَافِقَةٌ لَهَا أَوْ قَاصِرَةٌ عَنْهَا أَوْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَمَا. وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ، فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ لِابْنِ وَدِيعَةَ صُحْبَةً فَفِيهِ تَابِعِيَّانِ وَصَحَابِيَّانِ كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
قَوْلُهُ: (وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنَ الطُّهْرِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ طُهْرٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّنْظِيفِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى الْغُسْلِ أَنَّ إِفَاضَةَ الْمَاءِ تَكْفِي فِي حُصُولِ الْغُسْلِ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ التَّنْظِيفُ بِأَخْذِ الشَّارِبِ وَالظُّفْرِ وَالْعَانَةِ، أَوْ الْمُرَادُ بِالْغُسْلِ غَسْلُ الْجَسَدِ، وَبِالتَّطْهِيرِ غَسْلُ الرَّأْسِ.
قَوْلُهُ: (وَيَدَّهِنُ) الْمُرَادُ بِهِ إِزَالَةُ شَعَثَ الشَّعْرِ بِهِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّزَيُّنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ) أَيْ: إِنْ لَمْ يَجِدْ دُهْنًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute