للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِي التَّرْجَمَةِ. وَهُوَ مُرَادٌ. قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا فِي قَوْلِهِ: مَا يُقْرَأُ الظَّاهِرُ أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ لَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) فِي نُسْخَةٍ مِنْ رِوَايَةِ كَرِيمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَيِ: الْفِرْيَابِيُّ، وَذُكِرَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ جَمِيعًا. وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ. وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَيِ: ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، نَسَبَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَغَيْرِهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ. وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ، وَشَيْخُهُ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ، وَهُمَا مَعًا مَدَنِيَّانِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَالْأَصِيلِيُّ: فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ.

قَوْلُهُ: (الم تَنْزِيلُ) بِضَمِّ اللَّامِ عَلَى الْحِكَايَةِ، زَادَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ: السَّجْدَةَ وَهُوَ بِالنَّصْبِ.

قَوْلُهُ: (وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ) زَادَ الْأَصِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِسُورَةٍ، وَكَذَا بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ: الم تَنْزِيلُ، فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ لِمَا تُشْعِرُ الصِّيغَةُ بِهِ مِنْ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ إِكْثَارِهِ مِنْهُ، بَلْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ التَّصْرِيحُ بِمُدَاوَمَتِهِ عَلَى ذَلِكَ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَلَفْظُهُ: يُدِيمُ ذَلِكَ وَأَصْلُهُ فِي ابْنِ مَاجَهْ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنْ صَوَّبَ أَبُو حَاتِمٍ إِرْسَالَهُ. وَكَأَنَّ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ فَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي فِعْلَ ذَلِكَ دَائِمًا اقْتِضَاءً قَوِيًّا، وَهُوَ كَمَا قَالَ بِالنِّسْبَةِ لِحَدِيثِ الْبَابِ، فَإِنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ نَصًّا فِي الْمُدَاوَمَةِ لَكِنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا نَصٌّ فِي ذَلِكَ.

وَقَدْ أَشَارَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ فِي رِجَالِ الْبُخَارِيِّ إِلَى الطَّعْنِ فِي سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ لِرِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَأَنَّ مَالِكًا امْتَنَعَ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ لِأَجْلِهِ، وَأَنَّ النَّاسَ تَرَكُوا الْعَمَلَ بِهِ لَا سِيَّمَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ اهـ.

وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ سَعْدًا لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ مُطْلَقًا، فَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ. وَأَمَّا دَعْوَاهُ أَنَّ النَّاسَ تَرَكُوا الْعَمَلَ بِهِ فَبَاطِلَةٌ، لِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ قَدْ قَالُوا بِهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ، حَتَّى إِنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالِدِ سَعْدٍ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ أَمَّ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ بِهِمَا فِي الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَكَلَامُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ يُشْعِرُ بِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ أَمْرٌ طَرَأَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ أَمْرٌ لَمْ يُعْلَمْ بِالْمَدِينَةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ قَطَعَهُ كَمَا قَطَعَ غَيْرَهُ اهـ.

وَأَمَّا امْتِنَاعُ مَالِكٍ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْ سَعْدٍ فَلَيْسَ لِأَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، بَلْ لِكَوْنِهِ طَعَنَ فِي نَسَبِ مَالِكٍ، كَذَا حَكَاهُ ابْنُ الْبَرْقِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَحَكَى أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ لَا يُحَدِّثُ بِالْمَدِينَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكْتُبْ عَنْهُ أَهْلُهَا. وَقَالَ السَّاجِيُّ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى صِدْقِهِ. وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ عَنْهُ، فَصَحَّ أَنَّهُ حُجَّةٌ بِاتِّفَاقِهِمْ. قَالَ: وَمَالِكٌ إِنَّمَا لَمْ يَرْوِ عَنْهُ لِمَعْنًى مَعْرُوفٍ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا أَحْفَظُ ذَلِكَ اهـ. وَقَدِ اخْتَلَفَ تَعْلِيلُ الْمَالِكِيَّةِ بِكَرَاهَةِ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ، فَقِيلَ: لِكَوْنِهَا تَشْتَمِلُ عَلَى زِيَادَةِ سُجُودٍ فِي الْفَرْضِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهُوَ تَعْلِيلٌ فَاسِدٌ بِشَهَادَةِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقِيلَ: لِخَشْيَةِ التَّخْلِيطِ عَلَى الْمُصَلِّينَ، وَمِنْ ثَمَّ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْجَهْرِيَّةِ وَالسَّرِيَّةِ لِأَنَّ الْجَهْرِيَّةَ يُؤْمَنُ مَعَهَا التَّخْلِيطُ، لَكِنْ صَحَّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ (١) أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ


(١) قوله" لكن صح من حديث ابن عمر " في تصحيحة نظر، والصواب أنه ضعيف، لأن في إسناده عند أبي داود رجلا مجهولا يدعي أمية كما نص على ذلك أبو داود الرملي عنه ونبه عليه الشوكاني في نيل الأوطان، والله أعلم.