عَلَى قَائِلِهِ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْسٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ رُفِعَتْ، فَقَالَ: كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ. قُلْتُ: فَهِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ؟ قَالَ نَعَمْ إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ. وَقَالَ صَاحِبُ الْهُدَى: إِنْ أَرَادَ قَائِلُهُ أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً فَرُفِعَ عِلْمُهَا عَنِ الْأُمَّةِ فَصَارَتْ مُبْهَمَةً احْتُمِلَ، وَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَتَهَا فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أنَّهَا مَوْجُودَةٌ لَكِنْ فِي جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ، قَالَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ، لِأَبِي هُرَيْرَةَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ، رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ.
الثَّالِثُ: أنَّهَا مَخْفِيَّةٌ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ كَمَا أُخْفِيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ. رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَنْ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَنْهَا فَقَالَ: قَدْ أُعْلِمْتُهَا ثُمَّ أُنْسِيتُهَا كَمَا أُنْسِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِيهَا بِشَيْءٍ، إِلَّا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا قَسَمَ جُمُعَةً فِي جُمَعٍ لَأَتَى عَلَى تِلْكَ السَّاعَةِ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ فَيَدْعُو فِي جُمُعَةٍ مِنَ الْجُمَعِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ فِي جُمُعَةٍ أُخْرَى يَبْتَدِئُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِ النَّهَارِ. قَالَهُ: وَكَعْبٌ هَذَا هُوَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ، قَالَ: وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ طَلَبَ حَاجَةٍ فِي يَوْمٍ لَيَسِيرٌ، قَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الدُّعَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كُلَّهُ لِيَمُرَّ بِالْوَقْتِ الَّذِي يُسْتَجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ انْتَهَى.
وَالَّذِي قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ يَصْلُحُ لِمَنْ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَالَّذِي قَالَهُ كَعْبٌ سَهْلٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَا يَرَيَانِ أَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ جَمْعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَالرَّافِعِيِّ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ قَالُوا: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَجَاءَ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ، وَمِنْ حُجَّةِ هَذَا الْقَوْلِ تَشْبِيهُهَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَالِاسْمُ الْأَعْظَمُ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ حَثُّ الْعِبَادِ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي الطَّلَبِ وَاسْتِيعَابُ الْوَقْتِ بِالْعِبَادَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَحَقَّقَ الْأَمْرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ مُقْتَضِيًا لِلِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَإِهْمَالِ مَا عَدَاهُ.
الرَّابِعُ: أنَّهَا تَنْتَقِلُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا تَلْزَمُ سَاعَةً مُعَيَّنَةً لَا ظَاهِرَةً وَلَا مَخْفِيَّةً، قَالَ الْغَزَالِيُّ: هَذَا أَشْبَهُ الْأَقْوَالِ، وَذَكَرَهُ الْأَثْرَمُ احْتِمَالًا، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَسَاكِرَ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إِنَّهُ الْأَظْهَرُ، وَعَلَى هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَا قَالَهُ كَعْبٌ فِي الْجَزْمِ بِتَحْصِيلِهَا.
الْخَامِسُ: إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَشَيْخُنَا سِرَاجُ الدِّينِ بْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَنَسَبَاهُ لِتَخْرِيجِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهَا فَأَطْلَقَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا. رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فَقَيَّدَهَا بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّادِسُ: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَأَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ، وَعِيَاضٌ، وَالْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ.
السَّابِعُ مِثْلُهُ وَزَادَ: وَمِنَ الْعَصْرِ إِلَى الْغُرُوبِ. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَتَابَعَهُ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْذِرِ، وَلَيْثٌ ضَعِيفٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ كَمَا تَرَى.
الثَّامِنُ مِثْلُهُ وَزَادَ: وَمَا بَيْنَ أَنْ يَنْزِلَ الْإِمَامُ مِنَ الْمِنْبَرِ إِلَى أَنْ يُكَبِّرَ رَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ فِي التَّرْغِيبِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الْتَمِسُوا السَّاعَةَ الَّتِي يُجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ فَذَكَرَهَا.
التَّاسِعُ: أنَّهَا أَوَّلُ سَاعَةٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَكَاهُ الْجَبَلِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ وَتَبِعَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِهِ.
الْعَاشِرُ: عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَعَبَّرَ عَنْهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ: هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ شِبْرًا إِلَى ذِرَاعٍ، وَعَزَاهُ لِأَبِي ذَرٍّ.