للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ﴾ الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ مِنْهَا: آنْتُنَّ عَلَى ذَلِكِ؟ قَالَتْ: امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ - لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا - نَعَمْ. لَا يَدْرِي حَسَنٌ مَنْ هِيَ. قَالَ: فَتَصَدَّقْنَ، فَبَسَطَ بِلَالٌ ثَوْبَهُ ثُمَّ قَالَ: هَلُمَّ لَكُنَّ فِدَاءٌ أَبِي وَأُمِّي، فَيُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: الْفَتَخُ: الْخَوَاتِيمُ الْعِظَامُ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَوْعِظَةِ الْإِمَامِ النِّسَاءَ يَوْمَ الْعِيدِ) أَيْ إِذَا لَمْ يَسْمَعْنَ الْخُطْبَةَ مَعَ الرِّجَالِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ) نُسِبَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ إِلَى جَدِّهِ، فَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ خَطَبَ، فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ لِمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ: نَزَلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ فِي الْمُصَلَّى عَلَى الْأَرْضِ، فَلَعَلَّ الرَّاوِيَ ضَمَّنَ النُّزُولَ مَعْنَى الِانْتِقَالِ. وَزَعَمَ عِيَاضٌ أَنَّ وَعْظَهُ لِلنِّسَاءِ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ ، وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِهَذِهِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ وَالْخَصَائِصُ لَا تَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ) الْقَائِلُ هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي بَابِ الْمَشْيِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ. وَدَلَّ هَذَا السُّؤَالُ عَلَى أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: الصَّدَقَةَ أَنَّهَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَأُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ: وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الَّذِي يُلْقِي فِيهِ شيْءٍ يَحْتَاجُ إِلَى ضَمٍّ، فَهُوَ لَائِقٌ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ الْمُقَدَّرَةِ بِالْكَيْلِ، لَكِنْ بَيَّنَ لَهُ عَطَاءٌ أَنَّهَا كَانَتْ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ، وَأَنَّهَا كَانَتْ مِمَّا لَا يُجْزِئُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ مِنْ خَاتَمٍ وَنَحْوِهِ.

قَوْلُهُ: (تُلْقِي) أَيِ الْمَرْأَةُ، وَالْمُرَادُ جِنْسُ النِّسَاءِ، وَلِذَلِكَ عُطِفَ عَلَيْهِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، فَقَالَ: وَيُلْقِينَ أَوِ الْمَعْنَى تُلْقِي الْوَاحِدَةُ، وَكَذَلِكَ الْبَاقِيَاتُ يُلْقِينَ.

قَوْلُهُ: (فَتَخَهَا) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْمُسْتَمْلِي، وَالْحَمَوِيِّ فَتَخَتْهَا بِالتَّأْنِيثِ، وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ قَرِيبًا، وَحُذِفَ مَفْعُولُ يُلْقِينَ اكْتِفَاءً، وَكُرِّرَ الْفِعْلُ الْمَذْكُورُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إِشَارَةً إِلَى التَّنْوِيعِ، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: فَيُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِمَ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ) الْقَائِلُ أَيْضًا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَالْمَسْئُولُ عَطَاءٌ. وَقَوْلُهُ: أَنَّهُ لِحَقٍّ عَلَيْهِمْ ظَاهِرُهُ أَنَّ عَطَاءً كَانَ يَرَى وُجُوبَ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ عِيَاضٌ: لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ غَيْرُهُ. وَأَمَّا النَّوَوِيُّ فَحَمَلَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. وَقَالَ: لَا مَانِعَ مِنَ الْقَوْلِ بِهِ، إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ وَقَدْ أَفْرَدَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَسَاقَ الثَّانِيَ قَبْلَ الْأَوَّلِ، فَقَدَّمَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ مُخْتَصَرًا فِي بَابِ الْخُطْبَةِ.

قَوْلُهُ: (خَرَجَ النَّبِيُّ كَذَا فِيهِ بِغَيْرِ أَدَاةِ عَطْفٍ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ تَفْسِيرِ الْمُمْتَحِنَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِلَفْظِ: فَنَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ هَذِهِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يُخْطَبُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ.

قَوْلُهُ: (حِينَ يُجَلِّسُ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَكْسُورَةِ، وَحَذْفِ مَفْعُولِهِ، وَهُوَ ثَابِتٌ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: يُجَلِّسُ الرِّجَالَ بِيَدِهِ، وَكَأَنَّهُمْ لَمَّا انْتَقَلَ عَنْ مَكَانِ خُطْبَتِهِ أَرَادُوا الِانْصِرَافَ فَأَمَرَهُمْ بِالْجُلُوسِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حَاجَتِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُوا جَمِيعًا، أَوْ لَعَلَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَتْبَعُوهُ فَمَنَعَهُمْ فَيَقْوَى الْبَحْثُ الْمَاضِي فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا: نَعَمْ). زَادَ مُسْلِمٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَفِيهِ: دَلَالَةٌ عَلَى الِاكْتِفَاءِ فِي الْجَوَابِ بِنَعَمْ، وَتَنْزِيلِهَا مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ، وَأَنَّ جَوَابَ الْوَاحِدِ عَنِ الْجَمَاعَةِ كَافٍ إِذَا لَمْ يُنْكِرُوا وَلَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ مِنْ إِنْكَارِهِمْ.

قَوْلُهُ: (لَا يَدْرِي حَسَنٌ مَنْ هِيَ) حَسَنٌ هُوَ الرَّاوِي لَهُ عَنْ طَاوُسٍ،