للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صَلَّى أَرْبَعًا فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى أَرْبَعًا، وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ السَّبَبِ فِي إِتْمَامِ عُثْمَانَ بِمِنًى فِي بَابِ يَقْصُرُ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِهِ.

قَوْلُهُ: (أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ) كَذَا هُوَ بِلَفْظِ الْإِنْبَاءِ، وَهُوَ فِي عُرْفِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِمَعْنَى الْإِخْبَارِ وَالتَّحْدِيثِ وَهَذَا مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ) زَادَ الْبَرْقَانِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْوَلِيدِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (آمَنَ) أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ الْأَمْنِ.

قَوْلُهُ: (مَا كَانَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَالْحَمَوِيِّ كَانَتْ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا آمَنَ أَوْقَاتِهِ. وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: وَالنَّاسُ أَكْثَرُ مَا كَانُوا وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ، خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَالَ الطِّيبِيُّ: مَا مَصْدَرِيَّةٌ، وَمَعْنَاهُ الْجَمْعُ، لِأَنَّ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ أَفْعَلُ يَكُونُ جَمْعًا، وَالْمَعْنَى صَلَّى بِنَا وَالْحَالُ أَنَّا أَكْثَرُ أَكْوَانِنَا فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ أَمْنًا. وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الصَّلَاةِ بِمِنًى مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ عَنْ آدَمَ، عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ وَنَحْنُ أَكْثَرُ مَا كُنَّا قَطُّ وَآمَنُهُ وَكَلِمَةُ قَطُّ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَنَحْنُ مَا كُنَّا أَكْثَرَ مِنَّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا أَكْثَرَ أَمْنًا. وَهَذَا يَسْتَدْرِكُ بِهِ عَلِيُّ بْنُ مَالِكٍ حَيْثُ قَالَ: اسْتِعْمَالُ قَطُّ غَيْرُ مَسْبُوقَةٍ بِالنَّفْيِ مِمَّا يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّحْوِيِّينَ، وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِدُونِ النَّفْيِ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: قَوْلُهُ: وَآمَنُهُ بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ بِأَنْ يَكُونَ فِعْلًا مَاضِيًا وَفَاعِلُهُ اللَّهُ وَضَمِيرُ الْمَفْعُولِ النَّبِيُّ ، وَالتَّقْدِيرُ: وَآمَنَ اللَّهُ نَبِيَّهُ حِينَئِذٍ.

وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْإِعْرَابِ. وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقَصْرَ مُخْتَصٌّ بِالْخَوْفِ، وَالَّذِي قَالَ ذَلِكَ تَمَسَّكَ بِقولِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وَلَمْ يَأْخُذِ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْمَفْهُومِ، فَقِيلَ لِأَنَّ شَرْطَ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ أَنْ لَا يَكُونَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي شُرِعَ الْحُكْمُ فِيهَا بِسَبَبٍ ثُمَّ زَالَ السَّبَبُ وَبَقِيَ الْحُكْمُ كَالرَّمَلِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْقَصْرِ فِي الْآيَةِ: قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي الْخَوْفِ إِلَى رَكْعَةٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، وَلَهُ صُحْبَةٌ أَنَّهُ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ: إِنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ. فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا مِنْ ذَلِكَ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ مُطْلَقًا لَا قَصْرَهَا فِي الْخَوْفِ خَاصَّةً. وَفِي جَوَابِ عُمَرَ إِشَارَةٌ إِلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. وَرَوَى السَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي حَنْظَلَةَ وَهُوَ الْحَذَّاءُ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ. قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: رَكْعَتَانِ، فَقُلْتُ: إِنَّ اللَّهَ ﷿ قَالَ: ﴿إِنْ خِفْتُمْ﴾ وَنَحْنُ آمِنُونَ، فَقَالَ: سُنَّةُ النَّبِيِّ . وَهَذَا يُرَجِّحُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ) هُوَ النَّخَعِيُّ لَا التَّيْمِيُّ.

قَوْلُهُ: (صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ) كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ فِي حَالِ إِقَامَتِهِ بِمِنًى لِلرَّمْيِ، كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي قِصَّةِ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ بَابَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فَقِيلَ ذَلِكَ) فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ فَقِيلَ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَاسْتَرْجَعَ) أَيْ فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

قَوْلُهُ: (وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ) زَادَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ، أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْحَجِّ مِنْ طَرِيقِهِ.

قَوْلُهُ: (فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ) لَمْ يَقُلْ الْأَصِيلِيُّ رَكَعَاتٍ، وَمِنْ لِلْبَدَلِيَّةِ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ﴾ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْإِتْمَامَ جَائِزًا، وَإِلَّا لَمَا كَانَ لَهُ حَظٌّ مِنَ الْأَرْبَعِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا؛ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَكُونُ فَاسِدَةً كُلَّهَا، وَإِنَّمَا اسْتَرْجَحَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِمَا وَقَعَ عِنْدَهُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَوْلَى. وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ صَلَّى أَرْبَعًا، فَقِيلَ لَهُ: عِبْتَ عَلَى عُثْمَانَ ثُمَّ صَلَّيْتَ أَرْبَعًا. فَقَالَ: الْخِلَافُ شَرٌّ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ: إِنِّي لَأَكْرَهُ الْخِلَافَ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ