للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمَذْكُورِ إِلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ اخْتُصِمَ إِلَيْهِ فِي صَبِيٍّ أَحَدُ أَبَوَيْهِ نَصْرَانِيٌّ، قَالَ: الْوَالِدُ الْمُسْلِمُ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ. وَأَمَّا أَثَرُ قَتَادَةَ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ نَحْوَ قَوْلِ الْحَسَنِ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَ أُمِّهِ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ) وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِهِ بِلَفْظِ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَاسْمُ أُمِّهِ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَبِيهِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ) هَذَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَفَقُّهًا، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إِسْلَامَ الْعَبَّاسِ كَانَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ: أَسْلَمَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَأَقَامَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ لَهُ فِي ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، رَوَى ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي إِسْنَادِهِ الْكَلْبِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَيَرُدُّهُ أَنَّ الْعَبَّاسَ أُسِرَ بِبَدْرٍ، وَقَدْ فَدَى نَفْسَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي وَاضِحًا، وَيَرُدُّهُ أَيْضًا أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي قِصَّةِ الْمُسْتَضْعَفِينَ نَزَلَتْ بَعْدَ بَدْرٍ بِلَا خِلَافٍ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ بِخَيْبَرَ، وَرَدَّهُ بِقِصَّةِ الْحَجَّاجِ الْمَذْكُورِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ هَاجَرَ عَامَ الْفَتْحِ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، وَقَدِمَ مَعَ النَّبِيِّ فَشَهِدَ الْفَتْحَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ: الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى) كَذَا فِي جَمِيعِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ لَمْ يُعَيَّنِ الْقَائِلُ، وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَيَكُونُ مِنْ كَلَامِهِ، ثُمَّ لَمْ أَجِدْهُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدَ التَّتَبُّعِ الْكَثِيرِ، وَرَأَيْتُهُ مَوْصُولًا مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيِّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَرَوَيْنَاهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي يَعْلَى الْخَلِيلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ قِصَّةً وَهِيَ أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو جَاءَ يَوْمَ الْفَتْحِ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، فَقَالَ الصَّحَابَةُ: هَذَا أَبُو سُفْيَانَ، وَعَائِذُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : هَذَا عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو سُفْيَانَ، الْإِسْلَامُ أَعَزُّ مِنْ ذَلِكَ، الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى. وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ لِلْمَبْدَأِ بِهِ فِي الذِّكْرِ تَأْثِيرًا فِي الْفَضْلِ لِمَا يُفِيدُهُ مِنَ الِاهْتِمَامِ، وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ تُرَتِّبُ. ثُمَّ وَجَدْتُهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا كُنْتُ أَظُنُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى، قَالَ: وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا أَسْلَمَتِ الْيَهُودِيَّةُ أَوِ النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ تَرَجُّحَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ صِحَّةِ إِسْلَامِ الصَّبِيِّ، أَوَّلُهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ ابْنِ صَيَّادٍ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الْبَابِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي الْجِهَادِ، وَمَقْصُودُ الْبُخَارِيِّ مِنْهُ الِاسْتِدْلَالُ هُنَا بِقَوْلِهِ لِابْنِ صَيَّادٍ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ وَكَانَ إِذْ ذَاكَ دُونَ الْبُلُوغِ.

وقَوْلُهُ: أُطُمِ بِضَمَّتَيْنِ: بِنَاءٌ كَالْحِصْنِ.

وَمَغَالَةَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمُعْجَمَةِ الْخَفِيفَةِ: بَطْنٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. وَابْنُ صَيَّادٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ: صَائِدٌ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ كَانَ يُدْعَى بِهِ، وَقَوْلُهُ: فَرَفَضَهُ لِلْأَكْثَرِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: تَرَكَهُ، قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: أَنْكَرَهَا الْقَاضِي. وَلِبَعْضِهِمْ بِالْمُهْمَلَةِ، أَيْ: دَفَعَهُ بِرِجْلِهِ، قَالَ عِيَاضٌ: كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ الْمُسْتَمْلِي وَلَا وَجْهَ لَهَا. قَالَ الْمَازِرِيُّ: لَعَلَّهُ رَفْسَهُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، قَالَ عِيَاضٌ: لَمْ أَجِدْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي جَمَاهِيرِ اللُّغَةِ يَعْنِي بِالصَّادِ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِالْقَافِ بَدَلَ الْفَاءِ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدُوسٍ: فَوَقَصَهُ بِالْوَاوِ وَالْقَافِ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ يَخْتِلُ بِمُعْجَمَةِ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ مَكْسُورَةٌ، أَيْ: يَخْدَعُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَغْفِلَهُ؛ لِيَسْمَعَ كَلَامَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ.

قَوْلُهُ: (لَهُ فِيهَا رُمْزَةٌ أَوْ زُمْرَةٌ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ عَلَى الشَّكِّ فِي تَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّاي أَوْ تَأْخِيرِهَا، وَلِبَعْضِهِمْ: زَمْزَمَةٌ أَوْ رَمْرَمَةٌ عَلَى الشَّكِّ، هَلْ هُوَ بِزَايَيْنِ أَوْ بِرَاءَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ مِيمٍ فِيهِمَا، وَمَعَانِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ مُتَقَارِبَةٌ، فَأَمَّا الَّتِي بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ وَمِيمٍ وَاحِدَةٍ فَهِيَ فُعْلَةٌ مِنَ الرَّمْزِ، وَهُوَ الْإِشَارَةُ، وَأَمَّا الَّتِي بِتَقْدِيمِ الزَّاي كَذَلِكَ فَمِنَ